أخبارتقارير

النائب السابق الدكتور يوسف جبارين : الشارع العربي يريد عودة القائمة المشتركة أو التحالف الثلاثي

النائب السابق الدكتور يوسف جبارين لـ”الصنارة”:

الشارع العربي يريد عودة القائمة المشتركة وان لم يتم تحقيق هذا الهدف فان المهمة الفورية تكمن باعادة التحالف الثلاثي الذي اتفق عليه في الانتخابات الأخيرة

زياد شليوط


مازالت الحرب دائرة في قطاع غزة رغم الحملات الدولية وقرارت المحكمة الجنائية الدولية والمظاهرات الآخذة بالتوسع في العالم وخاصة الجامعات الأمريكية، هذا ما يظهر على سطح الأحداث السياسية، وتحت السطح تجري تحركات واستعدادات خجولة داخل اسرائيل لاجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وايجاد حلول سياسية على صعيد المنطقة بمبادرات عربية وأمريكية ودولية، للوقوف عند تلك المحاور التقت “الصنارة” النائب السابق في الكنيست وعضو المكتب السياسي “للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة”، الدكتور يوسف جبارين في حوار صريح وشامل.

الصنارة: أعلن مؤخرا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بأن المحكمة ستصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب. هل سيكون لهذا الاعلان تأثير على توجهات الحكومة الاسرائيلية، وهل سيؤدي إلى إيقاف الحرب في غزة؟

د. جبارين: لا شك أن تصاعد دور المؤسسات الحقوقية الدولية وتحديدا محكمة الجنايات والعدل الدولية ستكون له اسقاطات على أرض الواقع وان لم تعترف إسرائيل بذلك. لا توجد قيادة دولة ترغب أن تكون في موقع اصدار أوامر اعتقال بحقها، والمتوقع صدورها في الأيام القريبة. نحن أمام قرار من محكمة العدل الدولية بإيقاف العملية العسكرية في رفح، ومنذ صدور القرار نشهد سقوط المزيد من الضحايا المدنيين وخاصة من النساء والأطفال. برأيي هذا الدور الحقوقي يحقق الضغط الدولي ويلقي بظلاله على الحكومة الإسرائيلية لكنه يجعل القضاء الاسرائيلي يعيد حساباته بالنسبة لاستمرار الحرب. اذا ما صدر قرار المحكمة الجنائية فان 124 دولة ملزمة بقرار الاعتقال بحكم عضويتها في المنظمة، وهذا امتحان جدي لمنظومة الدول، اذا تراجعت الدول الأعضاء عن التزاماتها بلا شك سيساهم في تقويض صلاحيات وعمل ومستقبل المحكمة، بينما الإعلان من قبل بعض الدول عن التزامها في تنفيذ أوامر اعتقال مستقبلية، يعزز من مكانة محكمة الجنايات الدولية. من حيث محكمة العدل الدولية، إسرائيل تواصل رفض تنفيذ أوامرها بتفسيرات غير واقعية وغير صحيحة لقرار المحكمة، قادة اسرائيل يعرفون أنه ستكون لهذه اسقاطات مستقبلية مركبة على علاقات إسرائيل في الساحة الدولية، وتحديدا بما يتعلق بإمكانية فرض مقاطعة تزويد أسلحة لاسرئيل أو مقاطعة اقتصادية او سحب استثمارات أو ملاحقة فردية لقيادات اسرائيلية في دول أوروبية تعتمد القانون الدولي الانساني، مما يعني أنه حتى لو تهربت إسرائيل الآن من تنفيذ قرارات العدول الدولية، ستكون لذلك اسقاطات صعبة أمام هيئات دولية في المستقبل القريب.

إسرائيل تبدي علنا عدم اهتمامها بقرارات المحاكم الدولية، لكنها على أرض الواقع هي في حالة انعقاد ودراسة دائمتين، للتخفيف من الأضرار التي تواجهها مؤخرا وفي المستقبل القريب، إضافة الى الثمن الذي ستدفعه معنويا من خلال ما تواجهه من معارضة في المظاهرات في العالم. وعلى سبيل المثال الطالب في الجامعات الأمريكية الذي يدرس أهمية المؤسسات وحقوق الانسان والنظام الدولي، ويرى السياسات المناقضة الاسرائيلية مما يدفعه للخروج في التظاهرات المعارضة للحرب وما تخلفه من قتل ودمار.

الصنارة: على صعيد الائتلاف وحكومة الحرب، ترتفع أصوات معارضة ومنتقدة لنتنياهو ونهجه، لكنها لا تستكمل خطواتها عمليا، الى أين سيفضي ذلك في ظل الوضع القائم والضغط الدولي؟

د. جبارين: هناك حالة غليان داخلية في المجتمع اليهودي عامة والأروقة السياسية خاصة، والتصادم الكبير قادم لا محالة. الصورة الحالية تتمثل في الائتلاف يبدو وكأنه ثابت مع 64 نائبا، ويحاول بكل وسيلة عدم التوجه لأي انتخابات جديدة، لأن الأحزاب الحاكمة تدرك بأنها ستفقد سلطتها في الحكم، وتحديدا الأحزاب الكهانية المتطرفة، لذلك هناك محاولة دائمة من مركبات الائتلاف بالحفاظ عليه وعدم حله. من ناحية أخرى هنالك غليان ناتج عن صدمة 7 أكتوبر مرورا بالرأي السائد بأن تطورات الحرب وعدم تحرير المخطوفين ما تزال بعيدة عن الحل، ولذا نرى نتنياهو يربط مصلحته الشخصية بالبقاء في الحكم، بمواصلة الشراكة مع الأحزاب المتطرفة التي تملي عمليا شروطها عليه ووجهات نظرها المتطرفة تناقض ما يبتغيه المجتمع الإسرائيلي وتوجهات المجتمع الدولي. هذه الوضعية أفقدت الحكومة الاسرائيلية ما تبقى لها من مصداقية أمام دول العالم، نتيجة سلوكيات نتنياهو المعهودة. لا شك أن نتنياهو في مأزق وخاصة عندما نسمع أصوات قيادات عسكرية تنتقد تصرفات القيادة السياسية. اذن نحن أمام مرحلة حاسمة، أي أن اعتماد الحكومة على الغالبية الموجودة سيفقدها أي دعم جدي داخل المجتمع الاسرائيلي، ومن ناحية أخرى على المعارضة أن توسع دائرة المعارضة الشعبية لتحدث التأثير في سياسات الحكومة.

الصنارة: كيف نفسر تصرف المعارضة التي توجه الانتقادات لنتنياهو من ناحية، وتمنحه الغطاء البرلماني والقضائي من ناحية أخرى، وكيف تنظر لهذه المعارضة؟

د. جبارين: ان دخول غانتس وايزنكوت لحكومة نتنياهو أفقد المعارضة في طرح أي بديل جدي للحكومة، وبات غانتس يعطي الغطاء لسياسات حكومة نتنياهو حتى التي يمليها سموتريتش وبن غفير. وحتى لو قرر غانتس الخروج من الحكومة اليوم، فانه سيبدو أنه ذاهب لبناء قوة مستقبلية وليس بهدف بناء بديل جدي لنتنياهو. المحزن في تطورات السياسة في إسرائيل عدم وجود صوت بديل حقيقي يعطي الأمل للمجتمع اليهودي، بتحقيق استمرار وطمأنينة واحترام قرارات الأمم المتحدة، هذا الخطاب غائب، ليس فقط لأن غانتس في الحكومة، بل لأنه ولبيد أيضا لا يطرحون بديلا جديا وبدل أن تتبنى المعارضة توجهات دولية مدعومة عربيا، تنقلنا من الحرب إلى حل سلمي، عمليا يواصل غانتس وايزنكوت تكرار حديث القوة والعنف والتفوق العسكري الذي ثبت افلاسه على أرض الواقع، لذلك حتى المعارضة ستكون قريبا في صدام مع الرغبة الدولية في عملية سلمية قد تكون المخرج الدولي للصراع في منطقتنا.

الصنارة: شهدت البلاد اعتقالات وملاحقات لمواطنين عرب خلال الحرب وتكميم للأفواه والصمت التي سادت في الأشهر الأولى، كيف يمكن مواجهة هذه الحملة قانونيا وبطرق شرعية، وهل سيكون لصوتنا تأثير في ظل وضع الطواريء القائم، وكيف ترى على جماهيرنا التصرف في أساليب الاحتجاج؟

د. جبارين: الاحتجاج السلمي حق أساسي للمواطنين، بينما تلجأ شرطة بن غفير الى قمع أي نشاط احتجاجي في الفترة الأخيرة. تحدي مجتمعنا يأتي تدريجيا في ظل عجز أذرع الحكومة عن منع هذه التحركات. في المقابل نلاحظ دعما دوليا واضحا للموقف الفلسطيني، وهذا ينعكس داخل المجتمع الاسرائيلي ونرى أن حسابات القيادة الاسرائيلية شخصية ضيقة، ولنا دور جدي في اطلاق صرخة الاحتجاج ورفض المجازر بحق شعبنا. هناك شعور بالتقدير لما قمنا به –ولو كان محدودا- ونعتز بأهالينا وشبابنا وجرأتهم في طرح الموقف السياسي الصحيح. 

الصنارة: هناك دعوات لاجراء انتخابات مبكرة في اسرائيل، وبعض الأحزاب تقوم بترتيب أوراقها الداخلية، هل ترى بناء على التطورات السياسية الأخيرة امكانية اجراء انتخابات مبكرة؟ 

د. جبارين: حتى لو لم يتم تقديم الانتخابات، فانه يفصلنا عامان عن الدخول في جولة انتخابية جديدة والمفروض أن تتم في أكتوبر 2026، من هنا أستصعب صمود الحكومة الحالية حتى هذا الموعد. ومن المحتمل أن تجري الانتخابات المبكرة في 2025، ومن الواضح أن نتنياهو يسعى الى تحسين وضعية الليكود وحلفائه قبل الذهاب لانتخابات جديدة، أي أن معادلته تأجيل الانتخابات قدر الامكان وضمان نتيجة تبقيه على رأس الحكومة في ظل انعدام طرح بديل جدي من الأحزاب الصهيونية، تبدو امكانية عودة نتنياهو واردة. 

الصنارة: لكن هناك تحرك جديد سمعنا عنه من قبل يئير غولان بعد فوزه برئاسة حزب العمل، ألا ترى دعوته لبناء تحالف يساري محاولة جدية أم هي تكرار لمحاولات سابقة؟

د. جبارين: يمكن القول أنها محاولات لملمة ما تبقى من يسار – مركز، ويئير غولان لا يزال يقوم بالأخطاء السابقة التي ارتكبها حزب العمل، في عدم الجرأة على الحديث بشكل واضح عن أهمية الحل السلمي والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وضرورة أن تغير اسرائيل توجهها نحو المجتمع الدولي، وبالتالي فهو ما زال قريبا من طروحات لبيد وغانتس في محاولة للتنافس على نفس الأصوات بدل أن يطرح البديل. 

الصنارة: ماذا مع الأحزاب العربية، هل يتوجب عليها أن ترتب صفوفها، وهل هناك أمل في عودة القائمة المشتركة للحياة، ورؤية الأحزاب العربية تعمل معا مجددا خاصة في ظل الواقع الجديد؟

د. جبارين: الصوت الذي أسمعه في الشارع العربي بوضوح ودون تأتأة، لديه رغبة جدية بعودة العمل المشترك بين الأحزاب العربية والفاعلة في مجتمعنا. وإن لم نستطع تحقيق ذلك في قائمة واحدة، بلا شك فان المهمة الفورية تكمن باعادة التحالف الذي انفرط عقده عشية الانتخابات الأخيرة بين الجبهة والتجمع والعربية للتغيير. توجد حاجة موضوعية لطرح موقف وطني موحد، يعتمد على الكرامة والعزة الوطنية، موقف وحدوي يعيد الثقة لأهالينا حول أهمية العمل السياسي. من هنا دعوتي الشخصية ومن خلال المكتب السياسي للجبهة، للبدء بحوار وطني لايجاد معادلة تجمع كل الطاقات من خلال تغيير جدي. 

الصنارة: لكن هناك عناصر وأطراف أخرى غير حزبية، تطالب بتوسيع الاطار وعدم اقتصاره على الأحزاب، ما رأيك بذلك؟

د. جبارين: التحدي الأكبر لدى الأحزاب في تحقيق عملها المشترك أولا، ومن ثم الانطلاق نحو توسيع دائرة العمل السياسي والتمثيل البرلماني لمجموعات كثيرة في مجتمعنا العربي، ناشطة وفعالة ومؤثرة لكنها خارج الأطر الحزبية، مثل حركات شبابية، أكاديميين، ناشطين، عناصر مهنية مختلفة، نحن بحاجة لايجاد المعادلة لجمع كل تلك الطاقات بهدف احداث تغيير جدي في العمل السياسي ونتيجة الانتخابات، هذا يبدأ من حوار لدى الأحزاب الفاعلة وبعدها الانطلاق نحو حلقات أوسع. تلك الأطراف سيكون أسهل لها العمل في ظل عمل وحدوي على الساحة، وليس في ظل الشرذمة والانقسام، لذا مسؤوليتنا في الأحزاب كبيرة.

الصنارة:  هل سنرى يوسف جبارين على رأس قائمة الجبهة في الانتخابات القادمة، يعمل على تحقيق مطلب اعادة القائمة المشتركة؟

رغم التحفظ من السؤال أجاب د. جبارين: في ظل التحديات الكبيرة في الأشهر الأخيرة يصعب الحديث ضمن السياق الشخصي. معروف أن مجلس الجبهة (1000 عضو) هو الجسم المخول بانتخاب القائمة، وعادة يحصل ذلك مع الاعلان عن موعد جديد للانتخابات. وبدون علاقة للقرار الشخصي بالترشح مستقبلا، فاني أواصل نشاطي السياسي قدر الامكان، وأريد وضع كل امكانياتي نحو تشكيل قائمة مشتركة مجددا، واستقطاب طاقات من مجتمعنا في العمل السياسي، وحين تقترب الانتخابات أعدكم بالحديث عن الموضوع. 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى