صالح معطي
تتميز بلادنا بتنوع تضاريسها ما بين سهل وجبل وواد، وهذا يمنحها العديد من المميزات خاصة في جمال الطبيعة الخاصة ببلادنا، والتي تضاهي مناطق أوروبية في تنوعها وغناها. إن الغنى الطبيعي لبلادنا أغناها بالكثير من المسارات والأماكن الخلابة، والتي بمعظمها تخفى عن الكثير من الأشخاص ويجهلون وجودها. من هنا جاءت مبادرة لمجموعة من الشباب، من محبي طبيعة وتاريخ بلادنا، أطلقت على نفسها اسم “أبناء الشام”، تقوم منذ سنوات بالتجوال في مسارات ومواقع مختلفة من مناطق البلاد من شمالها وحتى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.
للوقوف على نشاط مجموعة “أبناء الشام” والتعرف إليها وإلى نشاطاتها، التقى مراسل موقع وصحيفة “الصنارة”، مع أحد مؤسسي هذه المجموعة، معلم الجغرافيا الشاب أحمد يعقوب من كفر قرع، وأجرى معه الحديث التالي.
الصنارة: حدثنا عن مجموعة “أبناء الشام”، وكيف نشأت فكرة تكوينها وإلى ماذا تهدف؟
يعقوب: نحن عبارة عن ستة أصدقاء من الشبان والفتيات، التقينا منذ ثلاث سنوات وأخذنا نتجول في أنحاء البلاد بشكل أسبوعي كل يوم جمعة. نقوم بالخروج الى المسارات المختلفة والتعرف إلى معالم بلادنا من الجنوب أي منطقة النقب وصحراء الخليل فمنطقة البحر الميت الى منطقة الجليل الأعلى والجليل الغربي وجبال الكرمل وحتى منطقة الجولان. والشيء المشترك بين أعضاء المجموعة هو حب الطبيعة وحب التعرف على البلاد من الجانب الجغرافي والديمغرافي، والتعرف الى قصص القرى المهجرة من عام ١٩٤٨ والتي ما زال أهلها يعيشون النكبة حتى يومنا هذا. أما سبب التسمية بأبناء الشام، يعود إلى موقع بلادنا والتي كانت تدعى “جنوب الشام”، لأنه كما معروف لدى الجميع ان بلاد الشام وهي سوريا التاريخية كانت تضم دول سوريا، لبنان، الأردن وفلسطين، ومن هنا جاءت التسمية لهذه المجموعة.
تهدف مجموعتنا إلى التعرف على بلادنا من خلال أقدامنا، ونحن نتعرف على أودية وشلالات وقرى مهجرة. منذ عامين حتى اليوم دخلنا الى مجال مستوى التحدي به أعلى، وهو عبارة عن التجول في مناطق ومسارات غير معلّمة وليست متاحة للجمهور العام، ولهذا بات بجعبتنا الكثير من الشلالات والأودية غير العادية والمجهولة من قبل المواطنين العاديين، هذا عدا القرى المهجرة التي وصلنا إليها واستطعنا توثيق معلومات خاصة عنها.
الصنارة: هل نشاط المجموعة يقتصر على الأعضاء فقط، أم يمكن لأي شخص المشاركة معكم في هذه المسارات؟
يعقوب: نشاطاتنا لا تقتصر على أعضاء المجموعة فقط، وقد اتخذنا خلال العام الأخير، قرارا بفتح نشاطاتنا أمام من يرغب، إيماناً منا أنه من حق كل مواطن في البلاد التعرف على طبيعة بلاده، واستجابة لتوجهات عديدة وصلتنا للانضمام الينا في جولاتنا الأسبوعية. إن انتشار فكرة نشاطنا يثير الاعتزاز، خاصة وأنه اخترنا تعزيز الهوية القومية لدى أبناء مجتمعنا بالتعرف على تاريخهم وتراثهم ووطنهم، ولهذا فتحنا التسجيل أمام الجمهور، ونقوم بتنظيم مسارات واستكشافات جديدة للمواطنين في طبيعة بلادنا الساحرة.
الصنارة: هل تدرسون كل منطقة قبل الخروج اليها، أم أن عملكم تلقائي؟
يعقوب: بالتأكيد لا نعمل بشكل تلقائي أو عشوائي، انما نقوم بتحضير مسبق لكل لمنطقة ننوي استكشافها والتجول فيها، وخاصة الأماكن والمسارات غير المعلّمة والتي تكون غير عادية، وفيها درجة الصعوبة والتحدي عاليين، وعادة نستعين بالخرائط وندرس المنطقة وحدودها من كافة الجوانب، وندرس جغرافيتها وكل ما يتعلق بها من معلومات. وندرس بشكل خاص القرى المهجرة من كافة الجوانب التاريخية والجغرافية وقصص النكبة التي حلت بها. التخطيط للمسارات مهم بالنسبة لنا قبل أي خطوة نقوم بها، وذلك من أجل الحفاظ على أمن وأمان أفراد المجموعة والمشاركين معنا، إضافة إلى ما ذكرته سابقا.
الصنارة: هل تواجهكم صعوبات أو مخاطر خلال المسارات، يمكنك اطلاعنا عليها؟
يعقوب: بكل تأكيد نواجه صعوبات في المسارات غير المعلمة خاصة، حيث نبذل مجهودا كبيرا لمعرفة هذه المناطق، من أجل دخولها بشكل آمن وبعيدا عن المخاطر المحتملة، خاصة وان جغرافية بلادنا متنوعة، منطقة الساحل ومنطقة جبال ومنطقة أغوار، حيث تواجهنا صعوبات من جانب التضاريس والجغرافيا، ولكننا نتخذ نمط حياة صحي حتى تستطيع لياقتنا مساعدتنا لتخطي هذه الصعوبات، بالإضافة لصعوبات أخرى تواجهنا في القرى المهجرة، التي لا يمتلك أحد معلومات كافية عنها، حيث نبذل مجهودا كبيرا لمعرفة اسم القرية وتاريخها وعائلاتها التي سكنتها.
الصنارة: هل توجد مسارات ملائمة للعائلات خلال العطلة الصيفية؟
يعقوب: بما أننا نعيش في العطلة الصيفية وفي ذروة فصل الصيف، حصلت توجهات لاعضاء المجموعة من قبل العائلات، بحثأً عن مسارات ملائمة لها، وخاصة للأجيال الصغيرة وحتى جيل الشباب، وننصح الجميع التواجد في منطقة الشمال بسبب عامل الطقس ووفرة المياةه هناك في مثل هذه الأوقات من السنة، هناك العديد من المسارات في منطقة الجليل الغربي وجبال الكرمل ملائمة للعائلات بشكل كبير.
الصنارة: حدثنا عن مسارات لا يعلمها العديد من المواطنين في البلاد!
يعقوب: هناك مسار اكتشفناه قبل عامين، في وادي الفجار المعروف كاسم ولكنه غير معروف من حيث التجول به أو الوصول اليه، وهو عبارة عن واد غربي في هضبة الجولان، دائم الجريان على مدار العام، يطلق عليه اسم “وادي الفجار” لأن عيون الماء تتدفق بالمياه، الوادي يتخلله أربعة شلالات احدها يصل الى 9 أمتار، وهو اكتشاف رائع بارتفاعات الشلالات المختلفة بين كل شلال وشلال.
الصنارة: أين تكون مساراتكم عادة في مناطق جبلية او مناطق مهجرة؟
يعقوب: مساراتنا موجودة في مناطق جبلية وسهلية ومناطق تابعة لمنطقة غور الأردن، وفي كافة الأماكن تجدنا، جولاتنا تشمل مناطق تحتوي على وديان وشلالات وقرى مهجرة ومطل يكشف المناطق الجبلية لبلادنا، حتى يتسنى للمشارك معنا التعرف على المناطق التي زارها في اليوم ذاته.
الصنارة: هناك صدى كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمجموعة أبناء الشام، ماذا يعني لكم ذلك؟
يعقوب: بعد ثلاث سنوات من نشاطنا نشهد تجاوبا كبيرا من قبل أبناء مجتمعنا العربي الداعمين لمحتوانا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتفاعل يزيد من مسؤوليتنا وحماسنا تجاه مشروعنا، خاصة وأن مجتمعنا لديه نقص في الأطر الشبابية التي تحتوي شبابنا بهذه المجالات، وهذا الدعم يحفزنا للاستمرار والتطور بشكل دائم.
الصنارة: كلمة أخيرة توجهها لتشجيع الاخرين على خوض مساراتكم!
يعقوب: كوني معلم جغرافيا ومعلم لموضوع معرفة البلاد في المدارس الاعدادية، أستطيع القول للأهالي ان موضوع المسارات ينقص مجتمعنا العربي كنمط حياة، لأن كل انسان في عصرنا بحاجة لنهاية أسبوع يفرّغ فيها طاقاته، وبرأيي الشخصي وبعد مرافقة العديد من الأشخاص لنا، أقول إن مسار المشي هو أكبر تفريغ للطاقات السلبية وشحن للطاقات الإيجابية لبدء أسبوع عمل جديد.