ناقش الباحث الدكتور إيهاب الشيخ خليل من مدينة الناصرة، الأحد الفائت، أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في موضوع “التوقعات الوالدية نحو التحصيل الأكاديمي والكمالية كمتنبئات بالاستحقاق الأكاديمي لدى طلبة كلية القاسمي في الداخل الفلسطيني”. وجرت المناقشة أمام لجنة أكاديمية في قسم علم النفس الإرشادي والتربوي في كلية العلوم التربوية بجامعة اليرموك الأردنية.
ويُدرّس الشيخ إيهاب خليل موضوع التربية الإسلامية في الثانوية “التكنولوجية للعلوم” في الناصرة، وحاصل على اللقب الأول في الشريعة الإسلامية من كلية الدعوة والعلوم الإسلامية في أم الفحم وكلية القاسمي، واللقب الثاني من جامعة اليرموك بالأردن في موضوع التربية الإسلامية، حيث تناولت رسالته للماجستير موضوع “معوقات تدريس مناهج التربية الإسلامية في الداخل الفلسطيني، وتأثيرها على تنمية الوازع الديني لدى طلاب المرحلة الثانوية”.
للوقوف على تفاصيل الأطروحة لنيل اللقب الثالث والتي تُعد من الدراسات النادرة جدًا في هذا المجال، كان هذا الحوار الخاص بموقع “موطني 48” مع د. إيهاب الشيخ خليل.
موطني 48 : ما هو تعريف عنوان هذه الأطروحة؟
د. خليل: أولًا؛ “الاستحقاق الأكاديمي”، هو اعتقاد الفرد بأنه يجب أن يتلقى درجات مُرْضية أكثر مما يستحق وبطرق غير مبررة، مع أن درجاته الحقيقية لا تتناسب مع قدراته وجهوده الفعلية.
ثانيا؛ “الكمالية”، هو سعي الفرد للوصول إلى تحقيق أهداف عالية المستوى وبدرجة عالية من الإتقان، ملتزما بمجموعة من المعايير العالية، يصحبها قدر من النقد الذاتي، والخوف من تقييم الآخرين.
موطني 48: وما علاقة الوالدية (أولياء الأمور) بالاستحقاق الأكاديمي والكمالية؟
د. خليل: التوقعات الوالدية نحو الاستحقاق الأكاديمي والكمالية، هي رغبة الوالدين تجاه حياة أبنائهم بما في ذلك التحصيل الأكاديمي أو المستقبل المهني أو الإنجازات الأخرى المتعلقة بمستقبلهم. لذا فإن توقعات أولياء أمور الطلاب المبالغ فيها أو غير المتوافقة في التحصيل الأكاديمي مع قدرات الأبناء وميولهم تؤثر سلبًا على تحقيق الطلبة لذاتهم، وتساهم في تضخيم الذات الأكاديمية تحقيقًا لرغبات والديهم، وذلك من خلال الحصول على درجات علمية عالية بطرق غير سوية والشعور بالاستحقاق.
موطني 48: إلى ماذا تهدف هذه الأطروحة؟
د. خليل: تهدف هذه الأطروحة إلى الكشف عن قدرة استشراف توقعات الوالدية نحو التحصيل الأكاديمي والكمالية بالاستحقاق الأكاديمي، والكشف عما إذا كانت ثمة فروق تُعزَى لمتغيرات (الجنس، المستوى الدراسي، التخصص) لدى طلبة كلية القاسمي في الداخل الفلسطيني. ولتحقيق أهداف الدراسة، طُبقت أدوات الدراسة الثلاث بعد التأكد من صدقها وثباتها، وهي: مقياس التوقعات الوالدية نحو التحصيل، مقياس الكمالية، ومقياس تحقيق الاستحقاق الأكاديمي.
موطني 48: في إطار اطّلاعك كباحث في علم النفس التربوي، ما أهمية هذه الأطروحة؟
د. خليل: أهمية هذا البحث تكمن في جانبين (نظري وتطبيقي)، فمن الناحية النظرية تكمن أهميته في القدرة التنبؤية للتوقعات الوالدية نحو التحصيل الأكاديمي والكمالية بالاستحقاق الأكاديمي، خاصة مع ما تؤيده نتائج الدراسات الأجنبية من تزايد الاعتقادات غير الواقعية للاستحقاق الأكاديمي، التي تؤدي إلى سلوكيات غير تكيّفية، وتؤثر سلبا على الأداء الأكاديمي للطلبة، كسوء علاقتهم الاجتماعية مع أعضاء هيئة التدريس وزملائهم، لذلك من شأن هذه الدراسة إثراء المعرفة للمكتبات العربية، خاصة وأن هذه الدراسة لندرتها باللغة العربية تُعد من الدراسات العربية الرائدة. أما من الناحية التطبيقية، فتكمن أهمية الدراسة من خلال ما يترتب على النتائج من فوائد علمية في الميدان التربوي والنفسي من خلال توظيف النتائج المستخلصة منها وتزويد أولياء الأمور بالمعلومات حول سلوك الاستحقاق الأكاديمي لأبنائهم الطلبة. إلى جانب وضع أسس علمية لإحداث التأثيرات الإيجابية التي تعمل على منطقية الاستحقاق والإنجاز الأكاديمي لدى الطلاب، وأيضا تزويد الباحثين والتربويين بمقاييس نفسية تمكنهم من إجراء دراسات في المستقبل في هذا المجال، وتنمية السلوكيات الإيجابية لدى الطلبة، التي أكّد عليها اتجاه علم النفس الإيجابي.
موطني 48: ما هي أبرز النتائج التي توصلت إليها في الأطروحة؟
د. خليل: أظهرت النتائج وجود فروق في أبعاد مقياس الاستحقاق الأكاديمي لصالح التخصصات العلمية على حساب التخصصات الإنسانية، ووجود فروق ذات دلالة إحصائية تعزى للمستوى الدراسي للاستحقاق الأكاديمي الكلي. كما أظهرت النتائج وجود علاقة إيجابية دالة إحصائيا بين توقعات الوالدية نحو التحصيل الأكاديمي مع الاستحقاق الأكاديمي للمقياس ككل. أما فيما يتعلق بالقدرة التنبؤية فقد أظهرت النتائج أن التوقعات الوالدية نحو التحصيل والكمالية لديها القدرة التنبؤية بالاستحقاق الأكاديمي بدرجة متوسطة. ما يعني أن التوقعات الوالدية نحو التحصيل الأكاديمي، والكمالية يلعبان دورًا مهمًا بدرجة متوسطة في إيجاد شعور الاستحقاق الأكاديمي لدى طلبة كلية القاسمي.
موطني 48: كم من الوقت استغرقت الأطروحة؟
د. خليل: إعداد أطروحة الدكتوراه استغرق زهاء عامين، وذلك ضمن برنامج دراسي أكاديمي لمدة خمسة أعوام في قسم علم النفس الإرشادي والتربوي في كلية العلوم التربوية بجامعة اليرموك الأردنية، وخلال هذه الفترة الزمنية أصدرت أربعة أوراق بحثية عن الشخصية الإسلامية، نمو وتطور الجنين من نظرة إسلامية، وعن مواضيع ذات علاقة في علم النفس التربوي والدين الإسلامي. مع ضرورة التنبيه إلى ما تكبدتُه من عناء ومشقة السفر في الطريق إلى الأردن والعودة منها على مدار هذه السنوات.
موطني 48: ما هي أبرز العقبات والمشاكل التي واجهتها خلال كتابة الأطروحة؟
د. خليل: كون هذه الأطروحة من الدراسات النادرة التي تجمع بين المتغيرات معًا، واجهت صعوبة في إيجاد دراسات سابقة تربط بين المتغيرات المتنبئة والمتنبأ بها، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى المصادر العربية لقلتها في هذا المجال. في المقابل فإن أغلب المصادر أجنبية اضطررت لترجمتها إلى اللغة العربية،ـ خاصة وأن ترجمة المصطلحات في مجال علم النفس ليست بالأمر السهل، ورغم كل ذلك وفقني الله تعالى لهذا الإنجاز الأكاديمي الذي أسأل الله تعالى أن يكون من العمل النافع.
موطني 48: هل من نصيحة لطلاب الدراسات العليا وللأهل؟
د. خليل: لا شك أن مرحلة التعليم في الدراسات العليا تُعد من المراحل المهمة في حياة الطلاب، باعتبارها مرحلة تأسيسية لتحضير مهني وأكاديمي للمستقبل، لذا على الطلبة أن يستغلوا هذه الفترة في حياتهم التعليمية ويهتموا بالتركيز أكثر على أهدافهم المستقبلية وتقديم أفضل ما لديهم من خلال الاجتهاد والمثابرة والابتعاد عن المعيقات التي تحُول دون تحقيقهم النتائج المرجوة، وقد يكون الاستحقاق الأكاديمي والكمالية والتوقعات الوالدية العالية من هذه المعيقات، كما ذكرت آنفا. وأنصح طلاب الدراسات العليا أن يهتموا بالمواضيع الجديدة في علم النفس والتربية الإسلامية التي فيها فائدة كبيرة في تنشئة وتربية الأجيال، ثم يجب على الأهل أن يكونوا على درجة كبيرة من الوعي في أهمية تربية الأبناء على الاجتهاد والمثابرة للحصول على درجات علمية عالية وليس بالطرق السلبية.
موطني 48: كلمة أخيرة؟
د. خليل: أهدي ثمرة جهدي في هذه الأطروحة إلى روح والدي الغالي، ثم إلى أمي الغالية التي ما فتئت تدعو لي، كما أهدي هذه الأطروحة إلى زوجتي “أم محمد” التي وقفت إلى جانبي طوال فترة دراستي وهيّأت لي كل أسباب الراحة والأجواء المناسبة، وإلى فلذات كبدي “جهاد ومحمد ومريم”، ثم إلى جميع إخواني وأخواتي وأصدقائي، وأحبابي أهل بلدي الغالية. وأقدم شكري العميق إلى الأستاذ الدكتور نصر مقابلة المشرف على هذه الأطروحة، الذي رافقني طوال مسيرتي العلمية، ولا أنسى أن أقدم شكري إلى الأساتذة الكرام الذين درست لديهم، وإلى كلية التربية بعميدها وأساتذتها، وإلى جامعة اليرموك التي احتضنتني وزملائي طوال الفترة. ولا بدّ في النهاية من التنويه إلى أننا نحن طلاب 48 ساهمنا بشكل كبير في أعمال الترميم والصيانة في حرم جامعة اليرموك الأردنية وجهزنا قاعات تعليمية وبناء وحدات مراحيض وتركيب مكيفات وأعمال أخرى تخدم الطلاب عامة وتوفر لهم أجواء تعليم مريحة، وهذا حقيقة كان له المردود الطيب والإيجابي علينا كطلاب مغتربين وزاد من احترام وتقدير الجامعة لنا.