عشية رمضان، د.مهدي زحالقة: “أقل الواجب اختصار مظاهر الفرح والاقتصاد في الطعام”
قدم الشيخ د.مهدي زحالقة كلمة الى عموم المواطنين بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، في ظل الحرب الدائرة والمستمرة في قطاع غزة.
وجاء في كلمة الشيخ د.مهدي زحالقة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الخلق والمرسلين,
ما هي إلا أياما معدودات، ونستقبل شهر الخيرات والحسنات، شهر القرآن, وشهر الطاعات والبركات. ولكن, مع فرحنا وسرورنا بقدوم هذا الزائر المبارك الذي ننتظره بفارغ الصبر, إلا أن أحوالنا وأحوال المسلمين لا تخفى على أحد, وهي لا محال تحتاج منا الى وقفة واعتبار.
الوقفة الأولى: لا بد لرمضان هذا أن يكون كما نوصي دائما وفي كل عام, أن يكون شهر هدوء وخشوع وخضوع لله رب العالمين. أن يكون شهر قرآن, شهر صيام وقيام. آن الأوان أن نعي أن شهر رمضان جاء لتحقيق هدف أعلى وأسمى, هو التقوى. قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”. فالواجب على المسلم أن يبحث عن كل ما يقربّه في هذا الشهر إلى التقوى, ويبتعد ويرفض وينتهي عن كل ما يبعده أو يشوّش عليه معاني التقوى. وإذا كانت المحصلة الأخيرة والمطلوبة في شهر رمضان هي التقوى, صار واجبا على كل مسلم أن يراجع أموره كلها قبل الاقدام عليها, هل تحقق هذا المراد والهدف, وهل تنسجم وتتوافق مع هذا الهدف الأعلى الذي هو التقوى.
أما الوقفة الثانية، فنحن نعيش في أيام صعبة على أمتنا الإسلامية. ونبينا صلّى الله عليه وسلم يقول: من لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. ويقول أيضا: مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
من هنا, أقل ما يمكن أن نفعله, هو أن نقتصر, ونقتصد, ونختصر, ونتواضع في كل مظاهر الفرح والرفاهيات من طعام وشراب وغيرها, وهذا أقل القليل. حتى الزينة في البيوت، وحتى في المساجد وغيرها والتي اعتاد عليها الناس, تأبى القلوب, بالذات هذا العام, من فعلها والمباهاة فيها, والمسلمون في هذا الضيق الشديد الذي لا يخفى على أحد. وهنا لا يمكن أن لا نذكّر أهلنا المرة تلو المرة، بعدم الاسراف والتبذير وعدم إلقاء النِعمة من طعام وشراب الى سلّات المهملات. فلنحذر كل الحذر من نكران النعم برميها في الوقت الذي فيه كثير من المسلمين المظلومين لا يجدون كسرة خبز وشربة ماء. يأتي ذلك كله، لنؤكّد ونذكر بأنه لا فتور في الدعاء لأهلنا وإخواننا وللمسلمين جميعا بالفرج العاجل, وبتبديل الحال الى أحسن حال إن شاء الله تعالى.
الاستزادة من الطاعات
أيها الأحبة في الله،
سارعوا الى الاستزادة من الطاعات في شهر الخيرات والحسنات, كثّفوا الدعاء, حافظوا على الأعمال الصالحات, وعلى صلاة القيام والتراويح. تراحموا, تسامحوا, تزاوروا, تحابوا, وكونوا عباد الله إخوانا. ابتعدوا عن كل ما لا يرضي الله تعالى. تعاهدوا المسجد الأقصى المبارك, وشدّوا اليه الرحال, لقوله صلّى الله عليه وسلّم: لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى.
وآخر دعونا أنِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين …