ارتباك في الائتلاف الحاكم بعد قرار المحكمة العليا بوقف ميزانيات لمعاهد الحريديم الدينية
تعم حالة من الارتباك أطراف الائتلاف الحاكم الإسرائيلي، في أعقاب قرار المحكمة العليا مساء أمس الخميس، بإلزام حكومة بنيامين نتنياهو وقف فوري لتحويل ميزانيات لمعاهد الحريديم الدينية، عن “الطلاب” الذين لا يشملهم الاعفاء من التجنيد، ويجري الحديث وفق تقديرات وزارة المالية عن 600 مليون شيكل سنويا، ويسري القرار الى حين أن تعرض الحكومة قانونا ملزما بالتجنيد، وهو الأمر المتعسّر منذ سنوات طويلة، لكن لا يبدو أن القرار سيقود لحل الحكومة، لأنه حتى الآن خيارا كهذا لن يحل أزمة الحريديم بل سيزيدها تعقيدا.
وكانت المحكمة العليا قد اصدرت، مساء أمس الخميس، أمرا مؤقّتا يقضي بتجميد ميزانيات المعاهد الدينية الحريديّة التي لا يتجنّد طلّابها بدءا من شهر نيسان المقبل (يوم الاثنين القريب)، ويسري القرار على الطلاب الذين لا يشملهم الاعفاء من التجنيد. وجاء القرار بعد وقت قصير مطالبة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، المحكمة العليا الإسرائيلية، مُهلة من ثلاثين يوما، من أجل التوصّل إلى تفاهمات بشأن قانون تجنيد الحريديم، بذريعة الحرب على غزة.
وأعلنت المحكمة العليا أنه “صدر أمر مؤقت بمنع إجراء تحويلات ماليّة، لغرض دعم مؤسسات توراتيّة، لطلاب مؤسسات لم يحصلوا على إعفاء أو تأجيل من الخدمة العسكريّة، ولم يلتحقوا بالتجنيد منذ 1.7.2023 بموجب قرار الحكومة”، على أن يستمر التمويل الجزئيّ فقط لمن “لا يشملهم المرسوم”، حتى نهاية العام الدراسيّ الجاري.
وتابعت المحكمة العليا، أن “الأمر المؤقّت، سيظلّ ساري المفعول حتى يتم اتخاذ قرار مختلف” بهذا الشأن، مشيرة إلى أنه “أخذا في الاعتبار بما ورد في ردّ الدولة وكتاب رئيس الحكومة المرفق به، سيتمكن مستجيبو الدولة من تقديم إفادة تكميلية حتى 30 نيسان”.
وأضافت أنه “سيتمّ تحديد موعد للنظر بالالتماسات المعارِضة، خلال شهر أيار، وسيتمّ النظر فيها أمام لجنة مكوّنة من 9 قضاة”
ويدور الجدل حول تجنيد شبان الحريديم، ومحاولات سن قانون ملزم لهم، منذ نهايات سنوات الثمانين، واشتد مع تقدم السنين، خاصة مع تكاثرهم السريع، إذ منذ أكثر من عقدين من الزمن، يشكل مواليد الحريديم حوالي 30% من مواليد اليهود سنويا، وهم يرفضون التجنيد لأسباب دينية، رغم تشددهم السياسي اليميني، ويرى كبار الحاخامات، دون البوح بذلك، أن التجنيد والانخراط في الجيش، هم منفذ نحو العالم المفتوح والحياة العامة، ما يجعل مسار الخروج من مجتمع الحريديم المنغلق على ذاته أقصر.
وحسب ردود الفعل الصادرة عن وزراء ونواب الحريديم، فلا يبدو أن القرار الذي سيقود لأزمة مالية لدى مؤسساتهم، سيقود لحل الحكومة، لأن هذا خيار سيعقد الأمور أكثر لديهم، إذ أن استمرار الحكومة بتركيبتها الحالية سيزيد احتمالات التوصل الى حلول تخفف من أزمتهم، أما حل الحكومة فهذا يعني بقاء الأزمة لشهور طويلة إذا لم يكن لأكثر من عام، حتى تشكل حكومة جديدة لتسن قانونا يرضي الحريديم، هذا إذا أمكنها أصلا.
وقال زعيم حركة “شاس” النائب آرييه درعي، إن قرار البقاء في الحكومة بيد الحاخامات، وكذا جاءت ردود وزراء ونواب آخرين، منضبطة، لكن مع هجوم واضح على المحكمة العليا، انضم له نواب من كتلتي “الدينية الصهيونية” و”عوتسما يهوديت” الكهانيتين.
ولوحظ رد فعل منضبطا من زعيم “همحنيه همملختي” بيني غانتس الذي جعا لتكثيف الحوار مع الحريديم، للتوصل الى حل توافقي، وقال إن الجيش بحاجة لجنود، وهذا ما اثبتته هجمات السابع من أكتوبر. ولا يبدو أن أحدا معنيا بشن هجوم على الحريديم من ساسة الأحزاب الكبيرة، التي تدور في فلك الحكم، ومرشّحة لتكون فيه بعد أي انتخابات، لأن الحريديم هم الوزن السياسي الذي لا تستطيع أي حكومة الاستغناء عنه، إذا أرادت الثبات في الحكم.