رغم المسيرة الأسطورية الخاصة بالنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، والتي حقق خلالها العديد من الإنجازات الفردية والجماهيرية، إلا أنه عاش العديد من اللحظات الصعبة بطبيعة الحال.
ويمكن القول إن رونالدو يدفع دائما ضريبة نجوميته الزائدة في أي مكان ينتمي إليه، بسبب الحملات الهجومية المستمرة التي يتعرض لها من الصحافة والإعلام، ولكنه ينجح دائما في الرد على الانتقادات داخل الملعب.
قدرات رونالدو الهائلة، سلاح ذو حدين بكل تأكيد، حيث تمكنه من قيادة الفرق التي لعب لها والمنتخب البرتغالي نحو الإنجازات، ولكنها تجعله بمثابة “كبش فداء” عند التعثرات وقد ظهر ذلك في مناسبات عدة.
ولا شك أن الفترة الثانية لرونالدو مع المان يونايتد هي الأصعب على مدار مسيرته، والتي كادت أن تتسبب في اعتزاله، بسبب الاغتيالات الإعلامية التي تعرض لها، قبل أن يرد على الجميع طوال الفترة الماضية.
اغتيالات انتهت بفضيحة
قرر رونالدو في صيف 2021، العودة لصفوف مانشستر يونايتد قادما من يوفنتوس، وهي واحدة من أسوأ الخطوات في مسيرة النجم البرتغالي.
ورغم موسمه الأول الذي تمكن خلاله أن يصبح هداف الفريق الأول، إلا أنه تراجع بقوة خلال الموسم الثاني والأخير 2022-2023.
وهناك العديد من الأسباب التي أدت لتراجع “الدون” خلال ذلك الموسم، يأتي على رأسها وفاة طفله حديث الولادة، بجانب التعامل السيئ من المدرب الهولندي إريك تين هاج مع رونالدو، والذي تعمد التقليل منه بإبعاده عن المباريات والزج به في الدقائق الأخيرة.
وتسببت تصرفات تين هاج في غضب رونالدو، والخروج عن النص في إحدى المباريات، لتتم معاقبته بالابتعاد عن التدريبات والمباريات قبل أن يعود للمشاركة ولكن ليس بصورة أساسية.
وخرج رونالدو بتصريح شهير قبل رحيله بفترة قليلة عن المان يونايتد، يوضح الحالة السيئة التي عاشها، منتقدا الإعلام بقوله “هؤلاء الأشخاص لا يقولون سوى الأكاذيب، فأنا احتفظ ب 100 خبر، منها 5 صحيحة”.
الاغتيالات التي تعرض لها رونالدو لم تتوقف، حيث استمرت الصحافة ووسائل الإعلام الأوروبية في الضغط والهجوم المستمر عليه، ومطالبة البعض باعتزاله وكتابة كلمة النهاية مسيرته.
لكن رونالدو فجر قنبلة مدوية قبل أيام قليلة من خوض نهائيات كأس العالم 2022 رفقة البرتغال في قطر، بالظهور مع الصحفي بيرس مورجان للحديث عن معاناته مع النادي الإنجليزي.
وفضح الهداف التاريخي لكرة القدم، سوء العمل الإداري في “الشياطين الحمر”، بجانب الهجوم على الإعلام ومدربه تين هاج، ليتسبب ذلك في فسخ عقده والرحيل عن ناديه.
صدمة المونديال
رغم أن رونالدو أعلن أنه سيخوض مونديال قطر بدون ضغوطات، ولكن الوضع لم يكن بهذه الكيفية، بسبب المستوى المتراجع الذي قدمه خلال دور المجموعات والاكتفاء بتسجيل هدف واحد من ركلة جزاء.
“صاروخ ماديرا” تعرض وقتها لانتقادات جديدة وتحديدا من الصحف البرتغالية التي طالبت فرناندو سانتوس مدرب “برازيل أوروبا” باستبعاده من المباريات، وهو ما استجاب إليه موجها صدمة لنجمه الأول.
سانتوس أبعد رونالدو عن التشكيلة الأساسية ضد سويسرا في ثمن نهائي كأس العالم، وما ساهم في تعقيد الأمور هو فوز البرتغال (6-1)، غير أن جونزالو راموس الذي شارك أساسيا بدلا من “الدون” سجل هاتريك.
وقرر سانتوس، الزج برونالدو في الدقيقة 75 من الشوط الثاني، بعد مطالبة الجماهير بنزوله، ولكنه لم يقدم شيئا يذكر، وظهرت عليه ملامح الحزن والتي استمرت للمباراة الثانية تواليا خلال مواجهة المغرب في ربع النهائي.
وقرر “العجوز البرتغالي” إبعاد رونالدو مرة أخرى عن التشكيلة الأساسية في صدمة قوية للجميع وهي الليلة التي شارك فيها بديلا، وودع خلالها منتخب بلاده المونديال، بالخسارة (0-1)، ليغادر باكيا في مشهد حزين أمام العالم.
استعادة البريق
غادر رونالدو، الملاعب الأوروبية بالانتقال لصفوف النصر السعودي، في خطوة انتقدها البعض، ولكنها ساهمت في استعادة بريقه، حيث سجل 54 هدفا تربع بها على عرش هدافي العالم مع “الأصفر” والبرتغال خلال عام 2023.
كذلك توج هدافا لدوري روشن للمحترفين مع النصر، بتسجيل 35 هدفا وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المسابقة، محطما الإنجاز المسجل باسم المغربي عبد الرزاق حمد الله (34) بموسم 2018-2019.
وقاد النصر لتحقيق البطولة العربية للمرة الأولى في التاريخ، بالفوز على الهلال (2-1)، مسجلا هدفي فريقه في النهائي، ليحصد الحذاء الذهبي للبطولة برصيد 6 أهداف.
وإجمالا، يعتبر رونالدو هو صاحب أعلى مساهمة تهديفية في موسم 2023-2024، بالمساهمة في 63 هدفا (سجل 50 وصنع 13) في مختلف المسابقات.
نزع الأسلحة السامة
بالتأكيد رونالدو أكد للجميع أنه لا يزال يمتلك الكثير من الطاقة بظهوره التهديفي الرائع مع النصر، والذي ساهم في استمراره مع البرتغال.
لكن الاختبار الأصعب الذي ينتظر رونالدو، هو عندما يعود للظهور في أول بطولة دولية كبرى بعد كأس العالم، والمتمثلة في كأس الأمم الأوروبية 2024.
رونالدو سيخوض المباراة الأولى عندما يقود البرتغال ضد التشيك، غدا الثلاثاء في مستهل رحلة رد الاعتبار ونزع الأسلحة السامة المتمثلة في الصحافة والانتقادات التي كادت أن تقتل مسيرته.
وسيكمل رونالدو 574 يوما منذ رحيله عن الملاعب الأوروبية يوم 22 نوفمبر/تشرين ثان الماضي، وذلك خلال مواجهة التشيك.. فهل ينجح في بداية المشوار؟