زياد شليوط
قال كبير المعلقين في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناتيوس في مقال رأي له بأن مسؤولا أميركيا اخبره أن هناك اتفاقاً على أسس صفقة تبادل اسرى، وهم الآن يناقشون سبل تنفيذها. وتتضمن الصفقة 3 مراحل، وتشمل وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، تطلق حماس خلاله سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين، وفي المقابل، تفرج إسرائيل عن مئات الأسرى من السجون. وأشار الى أن حماس تنازلت عن مطلب التوصل إلى اتفاق مكتوب بشأن الوقف الدائم للحرب، ما أدى إلى تحقيق انفراجة في المحادثات. وبين أن إسرائيل وحماس اتفقتا على تشكيل “حكومة مؤقتة” في القطاع، سيتم تشكيلها خلال المرحلة الثانية، مبينا أن الحكومة المؤقتة لن تؤدي إلى سيطرة إسرائيل أو حماس على القطاع.
للوقوف على مآلات الصفقة المزعومة وانعكاساتها الداخلية التقت “الصنارة” المحامي والمحلل السياسي عادل بدير.
الصنارة: هناك تسريبات عن صفقة جديدة بين حماس واسرائيل، واتفاق على ايجاد حكومة تقود الحكم في غزة وكل ذلك بضغوط أمريكية، إلى أي حد يمكن اعتبار تلك المعلومات صحيحة ومؤكدة؟
بدير: باعتقادي هناك فقاعات كثيرة وبالونات تجارب خلف تلك التصريحات. وفي الجولات السابقة سمعنا الكثير من الكلام لصفقات لم تتم. تقييمي بأن حماس فهمت أن الشرط بانهاء الحرب دون تقدم في المفاوضات لن يتم.
أظن أن قطر ومصر أقنعتا حماس بالتنازل عن شرط ايقاف الحرب، وتأجيله لمرحلة متأخرة من أجل الدخول في التفاصيل. حاليا موجود اتفاق على المباديء، دون الدخول في تفاصيل، وتبادل الأسرى، كنوع من بناء ثقة بين الطرفين بفعل ضغوط أمريكية واضحة، خاصة وأن أمريكا مقبلة على انتخابات رئاسية ونتنياهو مدعو الى الكونغرس لالقاء كلمة ولقاء مع بايدن. لكن العقبة الأكبر كانت وتبقى نتنياهو الذي لا يرغب بايقاف الحرب حفاظا على كرسيه. أضف الى ذلك المأزق الحكومي الاسرائيلي مع وجود بن غفير وسموتريتش، وأمور أخرى في السياسة الداخلية التي يمكن أن تعرقل عملية التبادل.
الصنارة: الجديد أن حماس تراجعت عن مواقفها المعهودة، فهل هذا أسلوب جديد في سياسة حماس وعلى ماذا تدل مرونة حماس؟
بدير: لكل طرف نقاط ضعف ونقاط قوة. حماس كحركة سياسية اجتماعية فكرية لها حساباتها واعتباراتها. وهي تدرك أنها لا تعيش في فراغ، أضف الى ذلك وضع سكان غزة الصعب من التهجير والطرد والجوع، فهي لا تريد أن تفقد السلطة في قطاع غزة، وهو الهدف الأول لها في الحفاظ على قوتها.
باعتقادي ايجاد قوة محايدة شبه مستحيل ولا أظن أنه سيمر، ليس من قبل حماس انما من قبل منظمة التحرير والسلطة اللتين لن توافقا على العرض الا بوجود وحدة وطنية، وتحظى بموافقة الشعب الفلسطيني واذا اضيفت إليه أطراف أخرى ربما يكون مقبولا، لكن أي دولة عربية أو اسلامية لن تقبل على نفسها ادارة غزة.
الصنارة: هل يعود الإسراع في ايجاد حل في غزة، يهدف إلى عدم فتح جبهة في الشمال، على ضوء التصعيد الخطير في الأسبوع الأخير؟
بدير: أظن أن الجبهتين مرتبطتان معا، خاصة وأن أمين حزب الله أشار أكثر من مرة بأن انهاء الحرب في غزة سيؤدي الى ايقاف عمليات حزب الله. برأيي أن هناك اتفاقا غير مكتوب يفرض بأن تكون الحرب محدودة وهناك خطوط حمراء للطرفين. ربما تقع أخطاء تساهم في تغيير مسار الحرب، مثل قتل جماعي كبير يؤدي الى انزلاق المواجهة الى حرب واسعة، وتتدحرج دون ارادة الدول الكبرى. بما أن المحادثات والمفاوضات ممكن أن تأتي بنتيجة، إلا اذا واصلت اسرائيل اغتيال قيادات من حزب الله.
الصنارة: شهدنا في الأسبوع الأخير أزمة كبيرة داخل الحكومة الاسرائيلية وتهديد بحل الحكومة أو عدم التصويت مع الائتلاف، كيف ترى الصورة وما هي نتائجها المحتملة؟
بدير: باعتقادي أنه مع الحكومة الحالية وتركيبتها لا يرغب أي طرف باسقاطها، لأنهم لن يجدوا أفضل منها في الحصول على دعم مالي وتنفيذ مآربهم. وزير التكتوك (الفقاعات) لا يقوم بواجبه ودوره من خلال وزارته، فنرى ان الجريمة تتصاعد بشكل مقلق ليس في المجتمع العربي فحسب بل في المجتمع اليهودي أيضا، يحاول التهديد دائما بالدخول الى مجلس الحرب، ولا أرى نتنياهو يلبي طلبه رغم تخبطاته، خاصة وأن بن غفير لم يخدم في الجيش، وبالتالي لن يمنحه فرصة اتخاذ قرار في الحرب، لأن ذلك يمكن أن يفجر المظاهرات بشكل قوي وعنيف.
الصنارة: أعلن رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات العربية بأن اللجنة ستعمل على بناء القائمة المشتركة مجددا، هل ترى امكانية إعادة تجربة القائمة المشتركة ونجاحها؟
بدير: تجربة دعم الموحدة للحكومة السابقة لن تعود، خاصة وأن كل الأحزاب الصهيونية أعلنوها صراحة أنه لن تكون حكومة كهذه، فدخول الأحزاب العربية الى ائتلاف لن يحدث ثانية. وهناك فوارق كبيرة جدا بين الموحدة من جهة والجبهة والتجمع من جهة ثانية، ولا توجد نقاط مشتركة بينها لانتاج جسم جديد. إضافة إلى معوقات مطلبية للأحزاب مثل الموحدة التي تطالب برئاسة القائمة وضمان خمسة مقاعد من العشرة الأوائل، هذه معضلات تشكل عقبات أمام الوحدة.
الحل الأسلم أن يكون هناك اتفاق تقني بالتوجه معا الى الانتخابات من أجل عبور نسبة الحسم. واقتراحي في هذا الشأن، وعلى ضوء ما لمسه المجتمع العربي على جلده في العامين الأخيرين، أن يتم الاتفاق على مواضيع لا خلاف حولها مثل الجريمة وحوادث الطرق، والتعليم وترك المواضيع الخلافية لمرحلة متأخرة. أما إذا فكر كل حزب أنه بمقدوره خوض الانتخابات لوحده فسنعود على ما كنا عليه، خاصة وان هناك نوعا من خيبة الأمل لدى الجمهور العربي.