تهدد أوامر الهدم عشرات المنازل والمباني في منطقة وادي عارة، إذ أن عدد المنازل المهددة بالهدم والتي تلقى أصحابها إخطارات في مدينة أم الفحم لوحدها بلغ أكثر من 60 منزلًا ومبنى، بعضها قيد الإنشاء، والبعض الآخر تقطنه العشرات من الأُسر والعائلات.
كما أنه في قرى مجلس طلعة عارة المحلي وهي مصمص ومشيرفة وزلفة وسالم والبياضة، يتلقى المواطنون أوامر هدم وغرامات مالية باهظة، صادرة عن اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في حيفا.
هدمت آليات السلطات الإسرائيلية، حديثا، منزل الشاب أنس كيوان من أم الفحم، بذريعة البناء دون ترخيص، في حي ربزة كيوان، وسط عدد من المنازل التي تحيط به.
قال رئيس بلدية أم الفحم، د. سمير محاميد، لـ”عرب 48″ إنه “حقيقةً، لا يمر يوم دون أن أتلقى أوامر هدم لمبان قائمة أو يتم إقامتها حديثًا في أم الفحم والمنطقة، هذا يحصل أيضا مع زملائي رؤساء السلطات المحلية العربية”.
وأضاف أن “أوامر الهدم التي نتلقاها هي نتيجة سياسة ممنهجة ضد مجتمعنا، في محاولة لطمس أي فكر لمستقبل أفضل لنا. لن نتنازل أبدًا عن تأمين مستقبل جيد لأبنائنا”.
وحول عدد المنازل المهددة بالهدم في أم الفحم، أوضح محاميد أن “عشرات المنازل والمباني مهددة بالهدم في أم الفحم، حيث إنه صدر أكثر من 60 أمر هدم في المدينة، وهذه الأوامر الموجودة لدينا في البلدية. لا نعلم إذا صدرت أوامر أخرى وهذه المعطيات حتى اللحظة”.
ولفت إلى أن “سياسة الهدم مبرمجة تجاه كل مجتمعنا العربي وليس فقط في أم الفحم، حيث إن كل البلدات تهددها أوامر هدم، ورأينا هدم المنازل في الطيبة وكفر قرع وكفر قاسم وعرابة وسخنين وغيرها”.
وحول كيفية التصدي لأوامر الهدم، ختم رئيس بلدية أم الفحم حديثه بالقول إنه “نعمل على كل المستويات القانونية والقضائية والنضالية، وننسق مع اللجنة الشعبية وأصحاب الأراضي، بالإضافة للتخطيط، وهناك الكثير من الأمور التي نقوم بها من أجل منع الهدم”.
وقال عضو اللجنة الشعبية في أم الفحم، محمد محاميد أبو يسري، لـ”عرب 48″ إنه “شاهدنا هجمة الهدم الشرسة على المجتمع العربي، بما فيها هدم منزل الشاب أنس كيوان في أم الفحم المبني وسط حي سكني وليس في شارع أو في أرض عامة. السلطات الإسرائيلية أصرت على هدم المنزل، وذلك انتقامًا من الأهالي في أم الفحم”.
وعن ازدياد الهدم في البلدات العربية، أوضح أن “هذا الهدم ليست فقط على المجتمع العربي في الداخل وإنما على كل الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس وفي كل مكان، وفي الداخل الاستهداف والملاحقات من كل الجوانب والاتجاهات، يستهدفون طلبة الجامعات والمعلمين والأطباء، ويفرضون مخالفات السير، ويعمقون أزمة الأرض والمسكن، كل شيء مستهدف في ظل هذه الممارسات المستمرة علينا، انتقامًا من الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده”.
وعن دور اللجان الشعبية والسلطات المحلية، قال إن “المتاح أمام السلطات المحلية العربية التصدي بالطرق القانونية في المحاكم ولجان التنظيم والبناء، ولكن معظم هذا التصدي لا يأتي بالفائدة اللازمة لأن الأمور هنا مسيّسة، والقانون بيد الحاكم والحاكم هو الجلاد الذي يعمل على التضييق علينا، والهدف هو تهجيرنا من أراضينا، وفي المقابل للعمل الشعبي واللجان الشعبية دور هام، خاصة لنا تجارب سابقة في أراضي الروحة والنضال الذي منع مخططات كبرى، لذلك العمل الشعبي مهم، والمطلوب الالتفاف حول اللجان وتكثيف العمل الشعبي”.
وقال عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي، المحامي رياض محاميد، لـ”عرب 48″ إن “الواقع الذي نعيشه في ظل الحكومة الفاشية اليمينة المتطرفة وحده كفيل أن يشرح الحال في المجتمع العربي، من انتشار الجريمة وإهمال المجتمع، بالإضافة للانتقام من المجتمع العربي في جانب الهدم وفرض الغرامات المالية الباهظة”.
وأضاف أن “من يقود ملف الهدم هو الوزير العنصري، إيتمار بن غفير، والخطوة التي قام بها في أم الفحم بهدم منزل قبل أيام تظهر هذه السياسة على حقيقتها، إذ أن المنزل وسط عدد من المنازل وفي حي سكني، وما حصل هو انتقام من المجتمع العربي من النقب والساحل والشمال وأم الفحم بشكل خاص”.
ومن جانبه، قال النائب السابق، د. يوسف جبارين، لـ”عرب 48″ إن “ما حصل من هدم في أم الفحم ووادي عارة هو انتقام من أهالي المنطقة، خاصة أن سلطات التخطيط تعمل على الخط الارتدادي بالمساحة القريبة من البلدة الاستيطانية (ميعامي). هدم المنازل تهديد للمواطنين العرب عموما وأم الفحم خصوصا وعرض عضلات لمحاولة إقناع بلدية أم الفحم بالمخطط الذي تريده لجنة التنظيم والبناء القطرية واللوائية، ولكننا نقول هيهات، إذ أنه من حقنا التطور على أراضينا والحصول على خرائط هيكلية مناسبة لاحتياجاتنا”.
وعن مدى خطورة الخط الارتدادي الذي سيكون بين أم الفحم وميعامي، قال جبارين إن “الخط الارتدادي كما كان في السابق يكفي أن يكون 30 مترًا، ولكن توسعة الخط إلى 80 يعني هدم منازل مبنية في أم الفحم ومصادرتها، والبلدات اليهودية المجاورة تريد ضمان مستقبلها على حساب حقوقنا وأراضينا وحقنا في الأرض والمسكن، وهذا يأتي وسط تدخل وزارة الأمن لتنفيذ هذا المخطط الذي يضر بأم الفحم، ويعود بالفائدة على ميعامي”.
وقال رئيس لجنة الدفاع عن أراضي الروحة، سليمان فحماوي، لـ”عرب 48″ إن “السياسات الإسرائيلية المتعاقبة والحكومات هي ذاتها، هدفها التضييق علينا وعلى بلداتنا، لمنعنا من البناء والتخطيط، إذ أنه هناك هجمة كبيرة على البلدات العربية من حيث الهدم وعلى وادي عارة بشكل خاص التي يسكنها نحو 300 ألف مواطن”.
ولفت إلى أن “مساحة التخطيط في قرى وادي عارة ضيقة جدًا، ولجان التنظيم اللوائية تضع العقبات أمام السلطات المحلية لإنجاز مخططات للتطور والبناء، ونحن نعاني من عدم توفر مساحات للبناء المرخص، وأيضًا نعاني من الدائرة التي خصصت لهدم البيوت العربية والتي أقرها الوزير إيتمار بن غفير في الآونة الأخيرة، حيث إنه تسلم هذه المهمة لهدم منازلنا، وليس لنا مكان للعيش سوى قرانا، هذه الأراضي هي ملك خاص ومن حقنا البناء عليها”.
وطالب فحماوي السلطات المحلية العربية بـ”التوجه إلى حاكم اللواء ولجنة التنظيم والبناء ليكفوا عن الهدم حتى نصدر التراخيص، هذا المطلب الشرعي والقانوني يمكننا العمل فيه، إذ أنه لا يمكن للجان اللوائية أن تهدم ونحن نخطط، ما الهدف من هدم المنزل اليوم وبعد سنوات يتم إعادة البناء، المطلوب هو وقف الهدم بشكل أساسي”.
وعن دور اللجان الشعبية، أوضح أن “اللجان الشعبية هي الرافعة لإظهار هذه الظاهرة وللدفاع عن المنازل المهددة، وهي تضغط على المؤسسات الحكومية والسلطات المحلية حتى تعمل، دور اللجان الشعبية أساسي ومهم، وتجربة لجنة الروحة خير مثال للعمل الوحدوي والمشترك مع السلطات المحلية، خاصة أن اللجان الشعبية مكونة من الأهالي، وهي التي تستطيع أن ترفع الصوت وتوصل الرسالة، والمطلب شرعي، وعلى المواطنين العرب إن يتوحدوا”.
ومن جانبه، قال القائم بأعمال مجلس طلعة عارة المحلي، محمد القاروط إغبارية، لـ”عرب 48″ إن “هناك ضائقة سكنية كبيرة في البلدات العربية بما فيها قرى طلعة عارة، إذ أن المواطنين يتجاوبون من أجل التنظيم والبناء، ولكن هذه الحكومة هدفها هدم منازل المواطنين العرب وليس البناء. ممارسات هذه الحكومة عنصرية ومبنية على الهدم لا الإعمار، والأجدر أن تتعامل الحكومة مع ملف الجريمة ومعالجته وليس هدم منازل المواطنين العرب، حيث أن بناء البيت هو بناء الإنسان والوطن والمجتمع”.
وختم إغبارية حديثه بالقول إن “ما تقوم به الحكومة هي محاولة هدم الشباب وتهجيرهم من الداخل الفلسطيني، وهذا ما يحصل في مختلف البلدات العربية ومن بينها طلعة عارة التي تضم كل من زلفة ومشيرفة والبياضة وسالم ومصمص، وبحال قارنا بين البلدة الاستيطانية (غفعات عوز) المحاذية لزلفة سنرى أنها تمتلك مساحات من الأراضي تتسع لـ15 ألف مواطن ويسكن فيها الآن 500 مواطن فقط، ومجلس طلعة عارة لا يمتلك مثل مساحات الأراضي التي تمتلكها غفعات عوز، هذا فقط للمقارنة”.
المصدر : عرب ٤٨ – أمير بويرات