تزداد الأعباء على المواطنين العرب في ظل رفع نسب الضرائب من قبل السلطات الإسرائيلية، ولا تقتصر رفع نسبة الضريبة على المحال التجارية بل على المواطن الذي يتكبد أعباء اقتصادية في ظل الحرب، وعلى المصالح التجارية التي تتكبد خسائر وتُجبر على رفع أسعار السلع الغذائية، وذلك لسد الفجوة التي يتسبب بها رفع نسب الضرائب وتكاليف النقل وغيرها.
وفي ظل الحرب وتوقف ميناء إيلات عن العمل بسبب الحرب، ترتفع أسعار السلع والمنتجات، وذلك بسبب صعوبة الحصول على السلع، حيث بات نقل السلع يحتاج وقتًا أطول حتى تصل إلى البلاد وتوزيعها على المحال التجارية، بالإضافة إلى مقترح رفع السلطات المحلية ضريبة السكن، وذلك في محاولة لجني الأموال من المواطنين، في ظل التقليصات التي تفرضها الحكومة على منح المجتمع العربي.
وأغلق محال تجارية أبوابها بسبب عدم قدرتها على تسديد الضرائب خاصةً أن سلوك الزبون تغيّر في ظل الحرب وبات يكتفي بالمستلزمات الأساسية، والتي تكون ذات سعر أرخص وكميات محدودة، على خلاف السابق، حسب ما صرح به عدد من التجار لـ”عرب 48“.
وقال صاحب محال تجارية في أم الفحم، نضال إغبارية، لـ”عرب 48” إنه “بداية وقبل الحديث عن رفع الضريبة، نعيش في موجة غلاء غير طبيعية وهي ترتفع بشكل كبير، بالإضافة إلى الارتفاعات في ما يعرف بالفائدة التي تضر بشكل مباشر بالطبقة الوسطى التي تعيش في ظل ظروف صعبة، وهذه الطبقة عندما تتأثر تؤثر على جوانب الحياة الأخرى، إذ أن هذه الطبقة هي بمثابة شريان رئيسي في الدولة، وتضررها يؤدي إلى هبوط بالمبيعات، حيث تشهد كل المحلات التجارية حركة شراء أقل مما كان في السابق، وهذا ضرر كبير تتكبده الدولة والمصالح التجارية”.
الضرر من رفع الضرائب يتكبده المواطن البسيط
عن مقترح رفع الضرائب مجددا، قال إغبارية إنه “قبل عدة أيام تم الإعلان عن أن الضريبة سترتفع مطلع العام المقبل إلى نسبة لم تكن منذ 17 عامًا وهي 5.30%، وقرار رفع الضرائب بشكل عام يؤثر بطبيعة الحال على أصحاب المحلات التجارية المتوسطة والصغيرة وعلى المواطن البسيط”.
وحول مدى الاختلاف بين مواقع المصالح التجارية، أوضح أنه “ليس هنا فرق بين مكان وموقع المصلحة التجارية، حيث تصل نسبة الضريبة على متر المصلحة التجارية إلى 81 شيكلا، ومتر المخازن كان في مدينة أم الفحم قبل عام 2021 يصل إلى 35 شيكلا، وفي عام 2021 قررت البلدية رفع سعر المتر إلى 78 شيكلا وهذا أدى إلى ضرر للتجار، فما بالك الارتفاع المرتقب؟ هذا ليس فقط على المصالح التجارية، إنما أيضًا على منازل المواطنين”.
رفع الضريبة العقارية
حول كيفية استمرارية المصالح التجارية في ظل هذه الزيادات، قال إغبارية إن “رفع الفوائد والضرائب بهذا الشكل الكبير يؤدي بالتالي إلى تضييق الخناق على أصحاب المحلات التجارية، إذ أن محلات تجارية أغلقت أبوابها في ظل هذه الارتفاعات، وعلى سبيل المثال في مدينة أم الفحم كان سابقًا من الصعب جدًا إيجاد محل للإيجار، ولكن في هذه الظروف والأوضاع نلاحظ أن عدة محلات تجارية أغلقت أبوابها وأعلنت أنها للإيجار، وهذا لم يكن يحصل في هذه المدينة سابقًا”.
ولفت إغبارية إلى أنه “كل زيادة في نسب الضرائب تؤدي إلى رفع سعر المنتج، وهذا ما شهدناه عندما تم إغلاق الموانئ ومنها ميناء إيلات، إذ أنه كل ارتفاع في الضرائب يؤدي إلى ارتفاع سعر المنتج الذي يشتريه المواطن، وننوه أن الارتفاعات تحصل في كل المجالات، وفي ذات الوقت راتب المواطن بقي على حاله منذ مدة، وهذا يزيد العبء على المواطن، إذ أنني بت ألاحظ أن سلوك الزبون اختلف، أي أنه قبل ذلك كان الزبون يشتري كميات أكبر، ولكن اليوم بات يقتصر على الأمور الأساسية وأصبح يبحث عن منتج سعره أقل وليس عن الجودة”.
ميناء إيلات وتأثيره على رفع الأسعار
قال المحاضر والخبير الاقتصادي، د. أنس إغبارية، لـ”عرب 48” إن “رفع الضرائب يؤثر بشكل عام على المواطنين والمصالح التجارية والأهالي والعائلات، وخصوصا الطبقات الوسطى والفقيرة حيث أن الفقير سيزداد فقرًا، والطبقة الوسطى ستتناقص يومًا بعد يوم، إذ أن هذه الدوامة التضخمية التي دخل بها اقتصادنا، ورفع أسعار الفائدة بشكل كبير، والضريبة العقارية والزيادة في أسعار الماء والكهرباء والوقود، يؤثر بشكل عام على العائلات المتوسطة والفقيرة ويعود بالنهاية إلى عبء تشعر به العائلات، وهذا وسيؤدي إلى تراجع العجلة الاقتصادية مما يعني أن العبء سيتحمله المواطن البسيط”.
وحول المصالح التجارية وتأثرها من الضرائب، أوضح أن “المصالح التجارية ستتأثر من الضرائب المفروضة عليها، وبالطبع هذا سيؤدي إلى رفع أسعار المنتجات وارتفاع التضخم بالتالي سيؤدي إلى ارتفاع السلع على المواطن البسيط، وكل ذلك في ظل عدم رفع أجرة الموظفين والعمال، وهذا سيؤثر على العامل والمجتمع والأُسرة”.
الفقير سيزداد فقرًا
وعن السلطات المحلية، قال الخبير الاقتصادي إغبارية إن “السلطات المحلية هي التي طالبت برفع أسعار الضرائب وتحديدًا ضريبة الأرنونا، وذلك حتى تملأ العجز الذي تعيشه الدولة وخزينتها، حيث أن رفع الضريبة العقارية ستستفيد منها السلطة المحلية، ولكن بالتأكيد سيكون تأثير سلبي أكبر من تلك التي ستفيد السلطة المحلية، ومن جانب آخر في ظل الحرب والوضع الاقتصادي لا بد للسلطات المحلية معارضة رفع الضرائب في ظل الأوضاع غير الطبيعية التي يمر بها المواطن في كل ما يتعلق بالاقتصاد السيئ وفقدان المواطنين وظائفهم، إذ أنه كان لا بد من تأجيل هذه الضرائب إلى ما بعد الحرب”.
وأشار إلى أن “لا يوجد رقم قياسي في تكاليف المعيشة لم تكسره هذه الحكومة المتمثلة ببنيامين نتنياهو وحكومة الحرب، إذ أن الطبقة الوسطى تنهار تحت العبء المالي في ظل تجاهل الحكومة للوضع الاقتصادي، وبحال لم تتحرك الحكومة لن نتمكن من التغلب على تكاليف المعيشة”.
تكاليف معيشية باهظة
وحول مدى تضرر المواطن العربي، قال إنه “لا تقتصر تكاليف خفض التصنيف الائتماني على الدولة فقط، إنما من المتوقع أن يمس المواطن بشكل مباشر وغير مباشر، حيث سيؤدي إلى زيادة الديون، بالإضافة إلى الاستدانة من الخارج، ستضع ضغطًا تصاعديًا على العجز المرتفع، حيث أن الدولة تعيش بعجز مالي كبير، والحكومة ستفرض ضرائب على المواطنين، وذلك حتى تقوم الحكومة بسد العجز الذي تمر به، وهذا يخلق ضغطا ماليا كبيرا على الدولة من جهة وعلى المواطن من جهة”.
وختم إغبارية حديثه بالقول إنه “من الواضح أننا سنعيش مع زيادة في تكاليف المعيشة، وزيادة في قيمة الضريبة المضافة، والضرائب المباشرة وغير المباشرة، حيث أن مستوى معيشة المواطنين سيتضرر، لذلك لا بد من شد الأحزمة في ظل ما نعيشه اليوم، والذي سيستمر خلال الفترة المقبلة”.
البلدات العربية في غالبيتها فقيرة
قال رئيس مجلس طلعة عارة، محمد جلال إغبارية لـ”عرب 48” إنه “بدايةً، بشكل عام البلدات العربية هي بلدات فقيرة حسب التصنيف، وقلة قليلة جدًا من البلدات العربية هي غير ذلك، إذ هناك من يظن أن رفع نسبة الضريبة العقارية ستؤدي إلى ارتفاع المدخول للسلطة المحلية، ولكن حقيقةً أن العملية هي عكسية، وذلك لأن البلدات العربية في غالبيتها تنقصها مناطق صناعية”.
وأضاف أن “هناك بعض السلطات المحلية الغنية، والتي تصل بها نسبة الدخل إلى 50% أو 60% من ضريبة الأرنونا، وهذا يجعلها سلطة غنية والضريبة من داخلها تساعدها بنسبة كبيرة جدًا، وعلى سبيل المثال في حيفا وتل أبيب تقريبًا دخل السلطة المحلية منها وهي ليست بحاجة إلى منح حكومية، بسبب الضريبة من المحلات والأماكن التجارية والصناعية في هذه المدن، ولكن في البلدات العربية الحقيقة عكس ذلك”.
البلدات العربية تعتمد على المنح الحكومية
وعن البلدات العربية، قال رئيس مجلس طلعة عارة إن “معظم الضرائب التي تتم جبايتها في البلدات العربية هي من المواطنين أي بمعنى ضريبة المنازل، وهي قليلة جدًا وليست مرتفعة، والضرائب التجارية في البلدات العربية قليلة لأنه لا يوجد الكثير من المصالح والمناطق الصناعية التي تؤدي إلى جباية مرتفعة”.
ولفت إغبارية إلى أنه “في ظل الحرب هناك العديد من المواطنين لا يمتلكون المال لتسديد الضرائب، إذ هناك من المواطنين أيضًا من يعتبر الضريبة ليست من سلم الأولويات، ونحن في معضلة حقيقية، حيث أن وزارة الداخلية تعاملنا حول نسب جمع الضرائب، ولكن في ذات الوقت نحن نتعامل مع أهالي بلدنا، ولا نريد أن نصل إلى درجة أن يتم الحجز على حسابات المواطنين، لذلك لسنا مع الحجز على المواطنين، وفي هذه الحالة هناك مواطنين لا يستطيعون دفع الضريبة الحالية، فما بالك بحال زيادة الضريبة على المواطن، هذا يفاقم الأزمة”.
وحدة السلطات المحلية العربية هي الحل
عن التقليصات الحكومية للسلطات المحلية العربية من قبل الوزارات المختلفة، أوضح رئيس مجلس طلعة عارة أن “اعتماد السلطات المحلية العربية بشكل عام على المنح الحكومية، وتقليص هذه المنح سيؤدي لتفاقم الأزمة على المجالس العربية، كونه لا يوجد بديل عن الدعم الحكومي للسلطات العربية، حيث أنه توجد منح لم نتلقاها من الحكومة والتي كان من المفترض تلقيها منذ أشهر، وهذا يزيد الأزمة بالسلطات المحلية العربية”.
وعن المطلوب من رؤساء السلطات المحلية العربية في ظل التقييدات، قال إغبارية إن “هناك حاجة ملحة لأن تكون اللجنة القطرية متماسكة، والسلطات المحلية العربية على رأي واحد والعمل بشكل جماعي. تحصيل الحقوق بشكل جماعي أسهل من العمل الفردي. صحيح في البداية من المتوقع أن يكون صعوبات، ولكن باعتقادي في النهاية تكون المحصلة أفضل لكل الرؤساء، لذلك من المهم العمل بشكل متماسك وجماعي ووحدوي”.