تقاريرخبر رئيسيوادي عاره

عبد الفتاح جبارين من ام الفحم: “استبدال مخطط البناء من عقادة إلى سويسة تسبب بهدم منزلي”

في خطوة مؤلمة وعملية هدم صعبة، قام المواطن عبد الفتاح حسينية صادق جبارين، من مدينة أم الفحم، بهدم منزله بنفسه في اليوم الأخير من عام 2024، وذلك بعد أن تلقي إخطارًا من المحكمة اللوائية في حيفا يفيد بأنه سيتم هدم منزله في اليوم التالي من قبل السلطات، مع فرض غرامة مالية تصل إلى حوالي نصف مليون شيكل إذا لم يتم تنفيذ عملية الهدم بنفسه.

البداية: شراء قطعة الأرض وبداية البناء

بدأت قصة جبارين قبل ثلاثة أعوام عندما قرر شراء قطعة أرض في منطقة عقادة – الظهر في مدينة أم الفحم، بهدف بناء منزل لأبنائه. وقال عبد الفتاح جبارين، قريب محمد جبارين، في هذا السياق: “قمت بشراء قطعة الأرض بعد سنوات من جمع الأموال، وكنت متأكدًا أن الأرض ستحصل على ترخيص خلال فترة قريبة، بعد أن أكد لي أحد أعضاء البلدية في أم الفحم أن هناك خارطة تفصيلية قيد العمل. وبناءً على ذلك، قررت أن أبدأ البناء، وبالفعل بدأنا العمل في العام 2023.”

التوقف المفاجئ: إشعار بالهدم والقرار القضائي

لكن الأمور لم تسر كما كان متوقعًا، ففي أحد أيام العمل في عام 2023، فوجئ جبارين بشخص من المحكمة اللوائية بحيفا يطلب منه التوقف عن البناء على الفور، ليبلغه أنه يجب هدم المنزل. في اليوم الأول من عيد الفطر في عام 2023، تم وضع إشعار بالهدم على بوابة الأرض. توجه جبارين حينها إلى المحامي محمد صبحي جبارين، الذي قام بمحاولات لتأجيل تنفيذ قرار الهدم، خاصة أن البلدية وعدت بإدخال الأرض إلى الخارطة الهيكلية، مما يتيح له بناء المنزل بشكل قانوني.

كما توجه جبارين إلى بلدية أم الفحم، حيث تحدث مع د. سمير صبحي محاميد، رئيس البلدية، أكثر من مرة حول مشكلته، ولكن لم يتم اتخاذ أي خطوة ملموسة على أرض الواقع. وفي هذه الفترة، كانت التوقعات الإيجابية تشير إلى حل قريب، خاصة أن المنطقة المجاورة له تضم حوالي 8 منازل، بعضها مأهول بالسكان وبعضها قيد البناء.

تأجيل الهدم والضغوط من الشرطة

على الرغم من تأجيل قرار الهدم، استمرت الضغوط على جبارين. تلقت الشرطة تعليمات بضرورة تنفيذ قرار الهدم، وعندما أخبرهم جبارين أن القضية ما زالت في المحكمة، أُخبر بأنه لم يتلقوا إخطارًا رسميًا بذلك، إلا أنهم قرروا عدم هدم المنزل في تلك اللحظة. خلال هذه المرحلة، دفع جبارين كافة الرسوم المتعلقة بخدمات البنية التحتية مثل الصرف الصحي والمياه، كما قامت البلدية بترقيم المنزل، مما جعل الأمور تبدو على وشك الحل. وبالرغم من ذلك، أبلغت الشرطة جبارين بضرورة تنفيذ الهدم، إلا أن الأمور ظلت في حالة تعليق.

المفاجأة: انتقال المقترح إلى منطقة سويسة ورفض الاعتراض

قبل عدة أشهر، تلقي جبارين خبرًا مفاجئًا، حيث أخبره المحامي بوجود جلسة مستعجلة في المحكمة في اليوم التالي. وعند حضورهم للمحكمة، كانت الصدمة كبيرة، حيث تم نقل مقترح الخارطة التفصيلية للمنطقة من قبل البلدية إلى منطقة سويسة. ونتيجة لذلك، أصدرت المحكمة قرارًا يقضي بهدم المنزل خلال 60 يومًا مع إمكانية تقديم اعتراض. توجه جبارين إلى رئيس البلدية، الذي قال إنه لا يعلم شيئًا عن هذا التحول، كما أفاد قسم الهندسة في البلدية بعدم معرفتهم بالقرار.

رفض الاعتراض والإخطار النهائي بهدم المنزل

مع اقتراب نهاية المدة المخصصة للهدم، قدم جبارين اعتراضًا ضد القرار، لكنه قوبل بالرفض. وفي اليوم الأخير من عام 2024، تلقى جبارين اتصالًا يخبره أنه يجب عليه هدم منزله بالكامل وتسويته بالأرض في اليوم التالي، وإلا ستقوم الشرطة والجرافات بهدمه، وسيتم تغريمه بمبلغ نصف مليون شيكل. كانت هذه الصدمة الثانية التي تلقاها، حيث أصبح الخيار الوحيد أمامه هو هدم المنزل بيديه، لتجنب العقوبة المالية التي لا يستطيع تحملها.

الهدم الذاتي: القرار المؤلم

وبذلك، اختار جبارين القرار المؤلم بهدم منزله بيديه، حيث بدأت عملية الهدم في صباح اليوم الأخير من العام 2024 واستمرت حتى فجر اليوم الأول من عام 2025. “كان لدي يوم واحد فقط، وكان الأمر مؤلمًا جدًا، لكنني اضطررت لذلك لتجنب الغرامة المالية التي كان من المستحيل دفعها.”

غياب الدعم المحلي والشعور بالتجاهل

خلال عملية الهدم، لم يحضر أي مسؤول من البلدية لتقديم الدعم، ولم يتواجد أي من المسؤولين رغم أن جبارين طلب منهم الحضور. في إحدى المحاولات، توجه ابنه إلى البلدية ليطلب حضور أحد المسؤولين، إلا أن الرد كان أنه لا يوجد أحد متاح في تلك اللحظة. وعندما تواصل جبارين بشكل شخصي مع د. سمير محاميد، رئيس البلدية، وأرسل له صور الهدم، كانت إجابة محاميد الوحيدة: “لا حول ولا قوة إلا بالله”. ولم يصل أحد من البلدية للتعبير عن التضامن، ولم يصدر أي بيان استنكاري على الأقل، مما زاد من شعور جبارين بالتجاهل.

التساؤلات: غياب التضامن والنخوة الفحماوية

عبّر جبارين عن خيبة أمله من غياب التضامن الشعبي الذي كان حاضرًا في الماضي عندما كانت هناك محاولات لمنع هدم المنازل في المدينة. “في الماضي، كنا نتضامن جميعًا، وننصب خيمًا لمنع الهدم، ولكن هذا لم يحدث في حالتي. حتى الجيران لم يتفاعلوا إلا مساءً، وكان بعضهم يطلب منا التوقف عن الهدم فقط لكي يستطيع أطفالهم النوم.”

وتساءل جبارين عن غياب النخوة الفحماوية التي كانت تميز أهالي المدينة في مثل هذه الأوقات الصعبة، مؤكدًا أن هذا الغياب يعود إلى غياب المسؤولين الذين اختارهم المواطنون لتمثيلهم في المجلس البلدي. “هل هناك أشخاص أحق منا بالحصول على الترخيص؟ أم أننا ضحايا اللامبالاة والتجاهل؟”

التوجه إلى القضاء

رغم كل ما جرى، قرر جبارين التوجه إلى القضاء مع كافة الإثباتات التي جمعها من البلدية التي أكدت وجود مقترح لخطة تفصيلية تم سحبها ولم تعد موجودة. وأكد جبارين أن حتى إذا تم ترخيص الأرض بعد كل هذه الأحداث، فإنه لا يتوقع أن يتمكن من إعادة إعمار الأرض التي شهدت على هذا الألم والشقاء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى