
برزت مدينة كفرقرع في الآونة الأخيرة كواحدة من أبرز قصص النجاح في المجتمع العربي في البلاد، وذلك في أعقاب التحولات النوعية التي شهدتها في مختلف مجالات الحياة، بدءًا من البنية التحتية والمرافق العامة، وصولاً إلى التربية والتعليم والثقافة. هذا التطور اللافت دفع وسائل إعلام عبرية إلى وصف كفرقرع بأنها “هرتسليا بيتواح” الجديدة، في إشارة إلى الطفرة الحضارية التي شهدتها المدينة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
بهذه المناسبة وللاطلاع على التطور الميداني للمدينة، قام مندوب المنصة بزيارة كفر قرع والتقى مع رئيس بلديتها، المحامي فراس بدحي، الذي أكد“، أن المدينة باتت مركزًا حيويًا في منطقة وادي عارة، يقصدها الآلاف يوميًا بفضل ثورتها العمرانية وتطورها الشامل. وقال بدحي: “كفرقرع تحولت إلى مدينة نابضة بالحياة في كافة المجالات: من التعليم والبيئة، مرورًا بالصحة والمرافق العامة، ووصولاً إلى الرياضة والثقافة. ويكفي أن نذكر أن عدد الأطباء من سكان المدينة بلغ 549 طبيبًا، وهو رقم غير مسبوق مقارنة بعدد السكان الذي لا يتجاوز 21 ألف نسمة.”
مرافق تضاهي المدن اليهودية الكبرى
وأشار بدحي إلى أن “كفرقرع تحتضن اليوم مرافق عامة لا تتوفر في العديد من البلدات اليهودية، من بينها ثلاثة متنزهات عائلية حديثة مزوّدة بمسارات للدراجات والمشي، بالإضافة إلى ملاعب رياضية وقصر ثقافي يتسع لـ539 مقعدًا. كما تم إنشاء بيت ضيافة وعزاء يخدم جميع أهالي المدينة، وبيت شبيبة، ومكتبة عامة ضخمة“.
وفي إطار دعم السكان الشباب، قامت البلدية بإنشاء حي سكني كامل للأزواج الشابة، في خطوة تهدف إلى وقف ظاهرة هجرة السكان من البلدات العربية إلى المدن اليهودية. ويقول بدحي: “نجحنا في خلق بيئة سكنية جاذبة، بل إننا نشهد ما يمكن وصفه بهجرة عكسية، حيث يعود السكان إلى كفرقرع بدل الخروج منها.”
توسيع المسطح وبناء منطقة صناعية
وعن الجانب التخطيطي، أوضح رئيس البلدية أن مسطح كفرقرع توسع بمقدار 1200 دونم، ليصبح 9000 دونم بعد أن كان 7500، إلى جانب التخطيط لمنطقة صناعية جديدة تعزز من اقتصاد المدينة المحلي.
كما أشار إلى أهمية تطوير البنى التحتية لشبكة الطرق داخل المدينة:
“شق الطرق وتوسيع المداخل ساهم في تحسين حركة السير. كما تشهد مدارس المدينة إقبالاً واسعًا من طلاب من خارج كفرقرع، ما يعكس الثقة في الجهاز التربوي لدينا.”
ومن بين هذه المدارس، برزت “جسر على الوادي” التي تجمع بين طلاب عرب ويهود، كمثال على نموذج تعليمي متقدّم ومشترك.
اقتصاد متنامٍ وخدمات فوق المتوسطة
في ظل هذه النهضة، بيّن بدحي أن كفرقرع تستقبل يوميًا نحو 3500 سيارة من خارج المدينة، ما يسهم في تحريك العجلة الاقتصادية بشكل ملحوظ، ويزيد من الإقبال على العقارات في المدينة.
“نلمس ارتفاعًا كبيرًا في الطلب على السكن، سواء للشراء أو الإيجار. ونحن نرحب بالجميع، لكن الأولوية تبقى لأهالي كفرقرع، لا سيما الأزواج الشابة.”
الإدارة المالية… نموذج يُحتذى
وحول الوضع المالي، أوضح بدحي أن البلدية تُدار بمهنية عالية، إذ يتم صرف رواتب الموظفين والمستحقات في مواعيدها، دون تأخير، وهو أمر نادر في السلطات المحلية العربية.
“نحن نطرق أبواب الوزارات ونعد خططًا استراتيجية للحصول على الميزانيات، رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهها السلطات العربية من قبل حكومة تتعامل بعنصرية وتعمل على تقليص الميزانيات بدل زيادتها.”
مكافحة الجريمة: مسؤولية الدولة أولاً
وعن ملف الجريمة والعنف، أكد بدحي أن هذه القضية مسؤولية الحكومة بالدرجة الأولى: “من غير المعقول أن يُطلب من رئيس بلدية أن يواجه مجرمًا مسلحًا. هذه مسؤولية الدولة والشرطة، التي عليها أن تؤمن حياة المواطنين.”
لكن في المقابل، شدد بدحي على الدور المهم للقيادات المحلية في تعزيز قيم التسامح والمحبة: “نحن نفعّل لجان الإصلاح المحلي، ونستعين بخطب الجمعة، ونقيم فعاليات لا منهجية ومبادرات أمنية أهلية للحد من العنف، لكن لا بد من تحرك جدي من الدولة لكبح هذه الظاهرة المتفشية.”