النائب د. منصور عباس لايمن عودة: هاجِمْني كما تشاء، لكن لا تستخفّ بعقول الناس،

النائب د. منصور عباس:”من يظن أن منشور الأمس كان تبريرًا للموقف أو للمقولة، فهو واهم.
هاجِمْني كما تشاء، لكن لا تستخفّ بعقول الناس، ولا تحاول قلب الحقيقة.
الحقيقة هي أنك السبب المباشر لوصول نتنياهو وسموتريتش وبن غفير إلى الحكم.
كل ما نعيشه اليوم من حرب وعنصرية، سبق أن حذرنا منه بصوت واضح.
هذه حقيقة. لا تُغطّى بشعار، ولا تُمحى بتبرير.”
وصلتني مئات الرسائل بعد مقابلتي بالأمس والمنشور الذي أصدرته، الكثير منها يؤيد موقفي، وبعض آخر ينتقده بحجة أنه يرفع التوتر بين الأحزاب، والذي قد يؤدي إلى عوائق في تشكيل وحدة أو قائمة مشتركة. وعلى هذا أقول:
أولًا: لا علاقة بين وحدة الأحزاب في الانتخابات وبين الفروقات في المواقف السياسية. إذا كان أحدهم يريد وحدة انصهار تُلغي كل ما في السابق، وتُبطل الفروقات السياسية والاختلافات وهويّة الأحزاب – فهو يطمح لشيء لا يمكن تحقيقه. نحن في “الموحدة” كنّا وما زلنا أكثر من سعى للوحدة، وأكثر من قدّم التنازلات في السابق من أجل تحقيقها، رغم الفرق الشاسع بيننا وبين الآخرين في التوجّهات والمبادئ. لهذا، وباختصار، لا علاقة لهذا بذاك. نحن نختلف في الطروحات والنهج، وكلٌّ منا له خاصيّته، وسنبقى كذلك بوجود مشتركة أو بدونها.
ثانيًا: هناك من يحاول تغيير الحقيقة وبلبلة الناس من خلال مهاجمة منصور عباس، ويبرّر رفض حزبه لتشكيل القائمة المشتركة بأن هذه القائمة، برئاسة منصور عباس بما أنه رئيس الحزب الأكبر في المجتمع العربي، ستكون بمثابة تعبير عن أن مواقفه تمثّل الجميع. وهذا ادعاء غير صحيح.
القائمة المشتركة، التي نطرحها اليوم، ستكون بإذن الله قائمة وحدة انتخابية، وهي صيغة انتخابية تحترم التعددية بحيث يُحافظ من خلالها كل حزب على خاصيّته وهويّته ونهجه ومبادئه. تهدف هذه القائمة، في حدّها الأدنى، إلى منع حرق الأصوات العربية، الأمر الذي قد يؤدي إلى خسارة مقاعد واستمرار حكومة اليمين.
وقلتُها وسأبقى أقولها: الخيار الآخر هو خيار القائمتين. ورغم أننا لا نفضّله، إلا أنه يبقى خيارًا مطروحًا، وقد يكون جيدًا نوعًا ما إذا تعذّر تشكيل المشتركة.
ثالثًا: الحكومة الكارثية الموجودة اليوم لم تكن مفاجِئة، فقد حذرنا منها طيلة فترة الحكومة السابقة، وقلنا بشكل واضح إن هذا ما سيحدث. وفي زمن السوشال ميديا، كل شيء موثّق، وكل موقف منشور ومحفوظ. حتى “فيسبوك” ذكّرني قبل أيام بمنشور حول قانون إقامة مستشفى سخنين، وهو مشروع وهمي طرحه من عمل على إسقاط الحكومة السابقة، وكان من أشد داعميه سموتريتش وبن غفير، بل إن نتنياهو نفسه ركض للتصويت عليه.
كل هذا حصل، والشمس لا يمكن تغطيتها بالغربال. من أسقط الحكومة السابقة هو النائب أيمن عودة ونوّاب عرب آخرون، ووجود الحكومة الحالية هو نتيجة مباشرة لذلك، سواء عبر مواقف صريحة أو أفعال غير مباشرة. ومع ذلك، نحن اليوم أمام مرحلة جديدة. وإذا كان هناك من يندم، ويريد تصحيح الخطأ والاعتذار والانضمام إلى مسار وحدوي، فنحن نبارك ذلك. في النهاية، نحن في عالم السياسة وليس في عالم المشاعر. نبحث عن حلول، لا عن ذكريات، مهما كانت بشعة.
رابعًا: أنا أتقبل الانتقادات بصدر واسع، لكنني أفرّق جيداً بين الانتقاد الصادق والنفاق السياسي. من يصوّت اليوم مع إقالة أيمن عودة، وسيُصوّت ضد “التجمّع” في لجنة الإقصاء قريبًا، هو نفسه يائير لابيد وبيني غانتس. وهما نفسهما من أوصت عليهم هذه الأحزاب والنوّاب أكثر من مرّة، في مواقف قبلوها دون أي تحفظ أو حرج سياسي.
فمن يزاود اليوم، عليه أولاً أن يُحسن انتقاء مواقفه، كي لا يقع في تناقض صارخ. كنت قد قلت سابقًا إن بعض الأحزاب تحرّم وتُحلّل كما تشاء. ما هو جائز لها، يصبح ممنوعًا على منصور أو “الموحدة”. فعندما التزم منصور بقرارات صعبة ضمن الائتلاف، قيل إنه أخطأ وارتكب “خطيئة”. لكن عندما التزمت “الجبهة” في حيفا بقرارات الائتلاف، وصوّتت بالامتناع على إقالة عضو البلدية العربية سالي عبد، اعتبروا ذلك موقفاً شرعيًا وطبيعيًا. هذا نفاق، لا أكثر ولا أقل.
وأخيرًا، وليس آخرًا: كل من يعتقد أن منشور الأمس كان مجرّد توضيح موقف، فهو مخطئ. زمن التوضيح انتهى. نحن في مرحلة جديدة، وما زلنا صوتًا عربيًا واقعيًا، محافظًا ومؤثرًا. لأننا نتحرك في ملعب السياسة الإسرائيلية، لا في ميادين التحرير.