
في إطار جهودها للحد من ظاهرة الفواتير الوهمية التي تتسبب بخسائر تقدّر بمليارات الشواقل سنويًا، أعلنت سلطة الضرائب الإسرائيلية عن دعمها لتشديد متطلبات الإبلاغ عن نقل ملكية الشركات، ضمن مشروع قانون تقوده سلطة الشركات التابعة لوزارة العدل.
إغلاق ثغرات استغلها مهربو الضرائب
وبحسب ما نشرته صحيفة “غلوبس”، تعتزم سلطة الضرائب فرض شرط الحصول على موافقة رسمية منها قبل أي عملية نقل ملكية أو تغييرات جوهرية في هيكل المساهمين، خصوصًا في ما يُعرف بـ”شركات الرف” – وهي شركات صغيرة وخاملة تم بيعها لعناصر إجرامية بغرض استخدامها في إصدار فواتير ضريبية مزورة.
تهدف هذه الخطوة إلى إغلاق ثغرة قانونية تتيح حاليًا تسجيل تغييرات في إدارة الشركات بشكل رجعي فقط، أي بعد 14 يومًا من حدوثها، ما يمنح مهلة زمنية يتمكن خلالها المتهربون من إدخال “رجال قش” كمساهمين أو مديرين دون علم السلطات.
وأظهر تقرير مراقب الدولة لعام 2023 أن هذه الفجوة ساهمت في تمكين جهات إجرامية من نشر فواتير مزورة، حيث يُعيّن “رجال قش” ثم يختفون لاحقًا، وقد قُدّرت نسبة الفواتير الوهمية الناتجة عن هذه الطريقة بنحو 80%.
“واجهة قانونية” للتهرب المنظّم
عبّرت سلطة الضرائب عن قلقها من تسهيلات تسمح ببيع شركات غير نشطة بمبالغ زهيدة عبر منصات مثل “فيسبوك” و”تيك توك”، دون المرور بالإجراءات الرسمية لتأسيس شركة جديدة. هذه الشركات تُحوّل لاحقًا إلى أدوات لنشر فواتير مزورة بعيدًا عن أعين الرقابة.
وتكمن إحدى الصعوبات الأساسية في أن التحقيقات تعتمد على بيانات قديمة من سجل الشركات، ما يؤدي إلى استدعاء المالكين السابقين بدلًا من الفاعلين الحقيقيين، بسبب غياب آلية للإبلاغ الفوري عن التغييرات.
آلية جديدة وربط مباشر
يقترح القانون الجديد أن تصبح التغييرات في هيكل المساهمين “مؤسِّسة” لا “تصريحية”، أي أنها لن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد الإبلاغ عنها بشكل فوري ومسبق، وبموافقة سلطة الضرائب.
كما سيُفعّل ربط إلكتروني مباشر بين سلطة الشركات وسلطة الضرائب لتبادل المعلومات في الزمن الحقيقي. وتشير التقديرات إلى أن التغييرات التي تشمل 50% فأكثر من ملكية الشركة ستكون خاضعة لهذا النظام، مع تمكين سلطة الضرائب من استخدام “حق الفيتو” لرفض تغييرات مشبوهة.
عقوبات مشددة ونظام فواتير جديد
تشمل الخطط أيضًا تشديد العقوبات على من يتجاهلون الإبلاغ عن بيع الشركات. إذ أن الغرامة الحالية التي تبلغ 500 شيكل فقط، تُعد غير رادعة، ومن المتوقع رفعها إلى مستويات أعلى تحدد لاحقًا.
يُذكر أن هذا التوجه يأتي ضمن إصلاحات أوسع تنفذها سلطة الضرائب، مثل مشروع “فواتير إسرائيل” الذي أُطلق العام الماضي، ويُلزم الشركات بالحصول على رقم تخصيص من السلطات لكل فاتورة تتجاوز قيمتها 20 ألف شيكل. وقد ساهم المشروع في منع إصدار فواتير وهمية بقيمة 8 مليارات شيكل خلال عام 2024 فقط.
مخاوف من البيروقراطية وردود فعل غاضبة
ورغم أن الحملة تستهدف بالأساس الشركات الصغيرة والمشبوهة، أثار الاقتراح ردود فعل غاضبة، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا. وحذر مستثمرون ومحامون من أن تعقيد الإجراءات قد يعيق صفقات تمويل عاجلة أو تعيينات سريعة، مما قد يدفع بالمستثمرين الأجانب إلى طلب إيداع الأموال في حسابات أمانة إلى حين إتمام التسجيل الرسمي.
كما عبّر ممثلو شركات ناشئة عن خشيتهم من أن تؤدي هذه التعديلات إلى نفور استثمارات محتملة بسبب تأخر الموافقات، في بيئة تتطلب مرونة وسرعة.
ورغم هذه التحفظات، فإن الدعم القوي من قبل سلطة الضرائب يمنح المبادرة زخمًا كبيرًا، وقد يسرّع من تشريعها وتطبيقها في القريب العاجل، ما يعزز من الجدل القانوني والاقتصادي حول المشروع في أوساط المهنيين والمستثمرين.