أخبار

كيف سيتأثر الاقتصاد الإسرائيلي بالعقوبات الأوروبية المحتملة؟

شهدت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل توترًا غير مسبوق، بعدما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن حزمة إجراءات عقابية ضد تل أبيب على خلفية الحرب في غزة. وإذا ما تم تنفيذ هذه الخطوات، فإنها قد تُلحق ضررًا واسعًا بالاقتصاد الإسرائيلي وبالتجارة الخارجية، إذ تشمل تعليق التمويل الأوروبي لعشرات المشاريع الاقتصادية والعلمية، ووقف بعض أشكال التعاون الاستراتيجي، وصولًا إلى التفكير في تجميد اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين الجانبين منذ أكثر من عقدين.

الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، وأي مساس بالاتفاقيات القائمة ينعكس مباشرة على حركة التصدير والاستيراد. ففي عام 2024 بلغت الصادرات الإسرائيلية إلى الاتحاد الأوروبي نحو 16.7 مليار دولار (باستثناء الألماس)، وأكثر من 93% منها تدخل السوق الأوروبية دون جمارك بفضل اتفاقية التجارة الحرة المبرمة عام 1995 والتي دخلت حيّز التنفيذ عام 2000. هذه الاتفاقية لم تُلغِ الرسوم الجمركية فحسب، بل أزالت أيضًا معظم القيود الكمية، ما فتح الباب واسعًا أمام المنتجات الإسرائيلية للوصول بسهولة إلى السوق الأوروبية.

وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن إلغاء أو تعليق الاتفاقية سيؤدي إلى فرض رسوم جمركية جديدة على الصادرات الإسرائيلية، ما سيؤثر فورًا على هوامش الربح. حتى رسوم بحدود 4% قد تغيّر قرار المستورد الأوروبي لصالح منافسين آخرين. أما الصادرات الزراعية، التي تشكل 4.6% فقط من إجمالي الصادرات، فهي الأكثر هشاشة، إذ قد تواجه رسومًا تصل إلى 11%، ما يفقدها القدرة على المنافسة.

القطاعات الأكثر عرضة للخطر هي الحواسيب والمنتجات الكيماوية، التي تشكلان معًا أكثر من نصف الصادرات الإسرائيلية إلى أوروبا (30% و21.7% على التوالي). في المقابل، بلغت الواردات الأوروبية إلى إسرائيل نحو 30.7 مليار دولار، ما يعني أن أي تعليق للاتفاق سيكون ثنائيًا، إذ ستفرض إسرائيل بدورها رسومًا على السلع الأوروبية، وهو ما قد يربك سلاسل التوريد ويدفع المستوردين الإسرائيليين للبحث عن بدائل أقل جودة أو أعلى تكلفة.

إلى جانب ذلك، أعلنت فون دير لاين عن نية الاتحاد فرض عقوبات شخصية على وزيري اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، فضلًا عن قيادات من حركة الاستيطان، كما كشفت عن خطة لتأسيس مجموعة مانحين دولية تتولى إعادة إعمار غزة، في خطوة ذات أبعاد سياسية واقتصادية متشابكة.

هذه الإجراءات لا تزال في طور المقترح ولم تُقر بعد، لكنها أثارت انقسامًا داخل الاتحاد الأوروبي نفسه. ففي حين عبّرت دول مثل ألمانيا وإيطاليا عن تحفظات واضحة، ارتفعت أصوات في إسبانيا وإيرلندا تطالب بموقف أشد صرامة تجاه إسرائيل. وبغضّ النظر عن هذا الانقسام، فإن مجرد طرح خيار تعليق الاتفاق التجاري أثار قلق الشركات الأوروبية المستوردة من إسرائيل، التي بدأت بالفعل بدراسة بدائل لتجنّب أي خسائر مستقبلية.

التحدي لا يقتصر على أوروبا فقط، إذ تدرس الولايات المتحدة ـ ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل ـ فرض رسوم على بعض السلع الإسرائيلية، وإن كان ذلك لأسباب أخرى. هذا الواقع يعزز المخاوف من أن تواجه إسرائيل ضغوطًا تجارية متزامنة من أكثر من جبهة.

ويرى محللون أن تل أبيب بحاجة ماسّة إلى استراتيجية اقتصادية مدروسة لمواجهة هذه التهديدات، بعيدًا عن الحسابات السياسية أو الردود الانفعالية، لأن خسارة السوق الأوروبية وتراجع العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة قد يضعان الاقتصاد الإسرائيلي أمام أحد أصعب اختباراته منذ عقود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى