
لا يزال سامي حسين عسلية (51 عامًا)، من مدينة أم الفحم، يعاني جروحه، على الرغم من مرور نحو 27 عامًا على هبة الروحة التي اندلعت في 27 أيلول/ سبتمبر 1998، وذلك بعد إصابته برصاصة من قبل الشرطة الإسرائيلية آنذاك، عقب اعتدائها على الأهالي في أم الفحم، ووادي عارة، والروحة، وقرية معاوية، إثر احتجاجهم على مصادرة أراضيهم في منطقة الروحة، وتحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة، ومنعهم من دخولها.
أُصيب عسلية برصاصة أطلقتها الشرطة وقوات “حرس الحدود” الإسرائيلية، وكان حينها يبلغ من العمر 24 عامًا، إلى جانب إصابة أكثر من 600 مواطن في ظل اعتداء الشرطة على الأهالي في خيمة الاعتصام المقامة في أراضي الروحة، وكذلك المدرسة الثانوية الشاملة في المدينة، حيث اقتحمت الشرطة المدرسة واعتدت على الطلاب داخلها باستخدام الرصاص المغلف بالمطاط، والغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية، والهراوات.
وبفضل النضال الشعبي والإضراب الذي عم البلاد، إضافة إلى جزء من الضفة الغربية وغزة، والاحتجاجات التي استمرت عدة أيام في وادي عارة، تمكّن الأهالي من إلغاء مخطط مصادرة الأراضي وبناء معسكرات للجيش الإسرائيلي في منطقة الروحة، واستعادة أكثر من 12 ألف دونم كانت مهددة بالمصادرة.
ولا يزال قسم من أراضي الروحة مهددًا بسبب خط الكهرباء القطري الذي تقيمه الدولة بالتعاون مع شركة الكهرباء، حيث يهدد هذا الخط نحو 20% من أراضي المواطنين في الروحة. ولا يزال باب الاعتراض على المشروع مفتوحًا، وتعمل لجنة الدفاع عن أراضي الروحة والسلطات العربية المحلية على تقديم اعتراضات رسمية لوقف المخطط.
يقول جريح هبة الروحة، سامي حسين عسلية، لـ”عرب 48” إنه “أُصبتُ برصاص الشرطة خلال أحداث هبة الروحة عندما كنت أبلغ من العمر 24 عامًا، كنت شابًا في مقتبل العمر. في ذلك اليوم، اقتحمت الشرطة مدينتنا أم الفحم، وخيمة الاعتصام في الروحة، والمدرسة الثانوية الشاملة في أم الفحم. كنت في طريقي إلى عملي في وسط البلاد، لكن بعد سماع الأنباء، عدنا أدراجنا إلى المدينة، وهناك أُصبت، ولا زلت أعاني من آثار الإصابة حتى اليوم، بسبب وجود الرصاص في ذراعي منذ ذلك الحين”.
ويضيف عسلية: “عندما عدت من عملي إلى المدينة، أطلقت الشرطة النار علينا فور وصولنا، فأُصبت برصاصة في أعلى ذراعي. نُقلت أولًا إلى عيادة الحياة في أم الفحم، ثم إلى المستشفى، حيث مكثت نحو ثمانية أيام، وخضعت لعدة عمليات جراحية بسبب إصابتي برصاصة أطلقتها الشرطة وقوات حرس الحدود”.
ويستذكر عسلية فترة ما بعد إصابته، قائلًا: “بعد إصابتي، بدأت رحلة طويلة من المعاناة، إذ لم أتمكن من العمل لمدة عامين كاملين، وقضيت تلك الفترة في المنزل. كان والداي، رحمهما الله، السند والعون لي طوال هذه المرحلة الصعبة”.
وعن أهمية أراضي الروحة لأهالي أم الفحم ووادي عارة، يقول عسلية: “نحن نؤمن بأن الأرض هي العرض، فما بالك بأرض الروحة، أرض الأجداد التي ورثناها عنهم؟ فهي ليست مجرد قضية أرض، بل قضية وطنية بالأساس، خاصة أن أراضي الروحة هُجِّرت منها عائلاتنا”.