
مع انطلاق موسم قطف الزيتون في مختلف أنحاء البلاد، تسود أجواء من القلق والإحباط بين المزارعين الذين وصفوا الموسم الحالي بأنه الأسوأ منذ عقود، بعدما لم تتجاوز نسبة الإنتاج 10% فقط مقارنة بالسنوات السابقة. هذا التراجع الحاد يهدد قطاع الزيتون، أحد أعمدة الاقتصاد الريفي الفلسطيني ومصدر رزق آلاف العائلات.
أسباب الانهيار المناخي
في حديث خاص لـ”راديو الناس”، أوضح فياض فياض، مدير عام مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني، أن الموسم الحالي “كان من المفترض أن يكون عامًا وفير الإنتاج”، إلا أن ثلاثة عوامل مناخية رئيسية تسببت في انهيار المحصول بشكل غير مسبوق.
وقال فياض:
“كمية الأمطار لم تصل إلى 50% من المعدل السنوي، كما أن درجات الحرارة في المربعانية لم تنخفض إلى المستويات المطلوبة لتكوين الأزهار. وبعدها تعرضت الأشجار لموجة حرّ شديدة خلال الإزهار، ما أدى إلى جفاف الزهر وتساقطه قبل التلقيح.”
وأوضح أن هذا الاختلال المناخي المزدوج — بين برودة غير كافية في الشتاء وحرارة مفرطة في الربيع — ألحق أضرارًا كبيرة بالبراعـم الزهرية، وهي التي تحدد حجم الإنتاج في الموسم التالي.
تداعيات اقتصادية صعبة
التراجع الحاد في الإنتاج انعكس مباشرة على الوضع الاقتصادي للمزارعين.
يقول فياض:
“العديد من العائلات الفلسطينية تعيش على مردود الزيت والزيتون، وتراجع الإنتاج بهذا الشكل يعني خسائر مالية فادحة وتهديدًا لأمنهم المعيشي.”
وأضاف أن الموسم الحالي “لا يغطي حتى تكاليف العناية بالأراضي”، محذرًا من أن إحباط المزارعين قد يدفعهم إلى التقليل من الخدمة الزراعية في المواسم المقبلة، ما يفاقم الأزمة على المدى الطويل.
إرشادات للحفاظ على جودة الزيت
ورغم ضعف الإنتاج، دعا فياض المزارعين إلى الالتزام بإرشادات تضمن جودة الزيت، أبرزها:
-
اعتماد القطاف اليدوي بدل استخدام العصا للحفاظ على الأغصان والبراعم.
-
تجنب وضع الزيتون في أكياس بلاستيكية واستبدالها بصناديق أو أكياس خيش.
-
عصر الزيتون خلال 72 ساعة من القطف لضمان جودة الزيت.
-
اختيار معاصر نظيفة ومعتمدة صحيًا، لأن 35% من جودة الزيت تتأثر بنظافتها.
-
تخزين الزيت في عبوات زجاجية داكنة أو من الستانلس ستيل بعيدًا عن الضوء والحرارة.
-
ترسيب الزيت بعد 25 يومًا ونقله إلى وعاء جديد لإزالة الرواسب التي تفسد الطعم.
شجرة الهوية والتراث
وفي ختام حديثه، شدد فياض على أن “شجرة الزيتون ليست مجرد محصول اقتصادي، بل رمز وهوية للفلاح الفلسطيني”، داعيًا الجهات الرسمية إلى تقديم دعم عاجل للمزارعين المتضررين وإطلاق برامج للتكيّف مع التغيرات المناخية.
موسم ضعيف بنسبة 90%، خسائر متراكمة، ومناخ متقلب يهدد شجرة السلام — هذا ما يواجهه قطاع الزيتون الفلسطيني اليوم، في انتظار موسم جديد يعيد الأمل لأقدم شجرة في الذاكرة الفلسطينية.