افتتاح مهيب للسنة الخامسة في أكاديمية نور البيان لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم في المركز الجماهيري

في أجواءٍ قرآنيةٍ مفعمة بالإيمان والبهجة، احتفل المركز الجماهيري بافتتاح السنة الخامسة لـ أكاديمية نور البيان لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم، بحضورٍ واسع من الطلاب والأهالي والضيوف الذين توافدوا منذ الصباح للمشاركة في هذا اليوم القرآني المهيب الذي جمع بين العلم والنور والعاطفة الإيمانية الصادقة.
بدأ الحفل باستقبال مؤثر نظّمه طلاب الأكاديمية مع مربيهم، حيث اصطفوا بأناقةٍ ووقارٍ على مداخل القاعة وهم يردّدون الأناشيد القرآنية ويستقبلون ضيوفهم بابتساماتهم المشرقة، في لوحةٍ تجلّت فيها روح الإخلاص والمحبة.
ثم افتُتحت الفقرات الرسمية بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم تلاها المربي الأستاذ بلال جبارين، فخشعت القلوب وتلألأت العيون بدموع الفرح والسكينة.
بعدها تولّت عرافة الحفل المربية أندلس إغبارية، مديرة قسم الوالدية والأسرة ومديرة أكاديمية نور البيان، التي رحّبت بالحضور بكلماتٍ دافئةٍ وأثنت على الجهود المباركة التي بذلها القائمون على الأكاديمية والمركز الجماهيري لإنجاح هذا اليوم المميز، مشيرة إلى أن انطلاقة السنة الخامسة هي ثمرة جهد متواصل ورؤية تربوية تسعى إلى تخريج جيلٍ قرآنيٍّ خلوقٍ يحمل القرآن قولًا وعملاً ثم قالت فيها:
“ما أجمل أن نفتتح عامًا جديدًا ونحن على العهد باقون… نحمل مشاعل النور، ونمضي مع طلابنا في درب القرآن، درب العزّة والهُدى.”
وأكدت المربية أندلس أن كل عام يمرّ يرسّخ ثمارًا جديدة من العطاء والإتقان في رحاب كتاب الله.
تلتها كلمة السيد محمد صالح إغبارية، مدير عام المركز الجماهيري والمسرح العربي، الذي عبّر عن فخره العميق بما وصلت إليه الأكاديمية من إنجازات قرآنية وتربوية، مؤكدًا أن المركز سيبقى حاضنة لكل مشروع يحمل رسالة العلم والقيم، وأن دعم الأكاديمية نابع من إيمان راسخ بأهمية تحفيظ القرآن وغرس هُوية الأمة في نفوس أبنائها. حيث قال:
“نحن لا نحتفي اليوم بافتتاح عامٍ دراسيٍّ فحسب، بل نحتفي بمسيرة نورٍ تمتدّ في صدور أبنائنا وبناتنا… فأنتم المستقبل، وأنتم الوعد بأن تبقى هذه المدينة منارةً للعلم والإيمان.”
ثم تحدّث السيد توفيق الحج عوض، مدير عام شركة حنان للمسنين، مؤكدًا على أهمية الشراكة المجتمعية في دعم مشاريع الخير، وأن خدمة كتاب الله هي شرفٌ لا يُضاهى، وأن مثل هذه المشاريع التربوية هي ما يضمن لمجتمعنا الاستمرار على نهج الخير والعطاء. قائلاً:
“من يخدم كتاب الله يخدم الأمة كلها، ومن يزرع في أبنائنا حبّ القرآن، يزرع فيهم الاستقامة والأمل.”
وفي فقرة مؤثرة، ألقت الطالبة هيا رمزي كلمة باسم طلاب الأكاديمية عبّرت فيها عن امتنانها وشكرها قائلةً:
“حين نفتح مصاحفنا في الأكاديمية، لا نحفظ كلماتٍ فقط، بل نحفظ معاني الحياة… نحفظ الطمأنينة، ونحفظ طريقنا إلى الله.”
تخللت الكلمات وصلات فنية من أداء طالبات المربية وعد إغبارية، قدّمن فيها أناشيد عن حب الله والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، بلباسهن الموحد وأناشيدهن الرقيقة التي لامست القلوب.
كما أبدع الشيخ يوسف سويطات بوصلةٍ روحانيةٍ من بردة الإمام البوصيري، أثرت الأجواء وأحيت سيرة الحبيب في النفوس.
تواصل الحفل بفقرةٍ مهيبةٍ شكّلت ذروة الحدث، وهي فقرة تكريم وتتويج حافظتَيْ القرآن الكريم والطالبتَيْن في كلية الطب العام: الدكتورة آية يحيى جبارين والدكتورة عائشة عبد الجواد محاميد.
اعتلت كل واحدة منهما المنصة، وقد غمرتهما مشاعر الفرح والرهبة، لتلقي كلٌّ منهما كلمةً مؤثرة شكرتا فيها الله عز وجل على منّته وفضله، وتحدثتا عن مسيرتهما مع كتاب الله منذ البدايات حتى لحظة الختم، حيث امتزجت دموع الامتنان بدموع الفخر.
قالت الطالبة آية جبارين في كلمتها التي لامست القلوب:
“كل لحظةٍ قضيتها بين آيات الله كانت شفاءً، وكل آيةٍ حفظتها كانت وعدًا بأن الله لا يضيع من تعب في سبيله… الحمد لله الذي اختارني لحمل كتابه، فكان النور الذي أضاء طريقي في الطب وفي الحياة.”
أما الطالبة عائشة محاميد، فقالت في نبراتٍ خاشعةٍ يملؤها الحب واليقين:
“ما أجمل أن تسيري في طريقٍ تتعلمين فيه لغة الله… لغةً تسكن القلب وتُهذّب الروح… فالحمد لله الذي منّ علينا بالحفظ والتثبيت، وجزى والدينا ومربياتنا وأكاديميتنا خير الجزاء.”
ثم فاجأتا الحضور بحواريةٍ إبداعيةٍ مشتركة بينهما، تناولتا فيها الشكر والدعاء والنصح، وقدّمتا رسائل قصيرة مؤثرة للفتيات الحاضرات ولجيلٍ يطمح لأن يسير على خطاهما، فجاءت الحوارية بصياغةٍ أدبيةٍ جميلةٍ جمعت بين الإلهام والدفء والإبداع، فصفّق الجمهور طويلًا تأثرًا وإعجابًا.
بعدها، دعت عريفة الحفل والديّ ووالدتيّ الحافظتين إلى المنصة، حيث عُرض مقطع مصوَّر جميل يوثّق مسيرتهما في التحفيظ ومراحل الحفظ حتى لحظة الإتمام، في مشهدٍ مؤثرٍ أدمع العيون ولامس أعماق القلوب.
ثم جاءت لحظة الفخر الكبرى، حين دعت العريفة كلاً من السيد محمد صالح إغبارية، والسيد توفيق الحج عوض، والدكتور محمد أمارة، والمربية هيام محاميد، والمربية حنين إغبارية، ليعتلوا المنصة ويضعوا وشاح الحافظة على جبين كل من آية وعائشة، في لحظةٍ رمزيةٍ خالدةٍ أعلنوا خلالها إتمام الحفظ والتثبيت.
وقدّم كلٌّ من الأكاديمية والمركز الجماهيري هدية عمرة لكل حافظة، تقديرًا لإنجازٍ هو تاج الشرف والعزة.
ثم شارك في التتويج السيد نظير، مدير مركز الفرقان لتحفيظ القرآن في كفر قرع، والسيدة أسماء صرصور، مسؤولة في مؤسسة الفرقان، اللذان عبّرا عن فخرهما بهذا الحدث المبارك وقدّما هدية عمرة إضافية باسم مؤسسة الفرقان لكل حافظة، لتكتمل فرحة التتويج بأربع عمرات تُهدى في سبيل الله، عربون وفاءٍ وتقديرٍ لحاملات القرآن.
وفي ختام الحفل، اعتلى مربّو ومربيات الأكاديمية المنصة، ليقدّموا تهانيهم ومباركاتهم للحافظتين، وسط تصفيقٍ حارٍّ من الحضور والتقاط صورٍ تذكاريةٍ خالدةٍ جمعت القلوب قبل العدسات، في مشهدٍ طُبع في الذاكرة عنوانه:
“القرآن يجمعنا… والنور لا ينطفئ.”





