أخبارخبر رئيسي

مُعطيات: ما هي أكثر مدينة ازدحامًا في البلاد؟

تغرق إسرائيل صباحًا بعد آخر في أزمة مواصلات خانقة، فيما تحوّلت رحلة الذهاب إلى العمل إلى طقس يومي من الانتظار والتوتر والوعود المتكررة بوصول القطار الخفيف “قريبًا”. لكن خلف هذا الشعور العام، يكشف مسح جديد لمكتب الإحصاء المركزي لعام 2023 حول 20 من أكبر مدن البلاد، صورة أكثر تعقيدًا مما نعتقد. فالأرقام تظهر بوضوح من يقضي فعلاً ساعات طويلة في الازدحامات، ومن يكتفي فقط بالتذمّر. والمفاجأة الكبرى: تل أبيب، التي تُتَّهم دائمًا بأنها المدينة الأكثر ازدحامًا، ليست حتى قريبة من صدارة القائمة.


رحوفوت وهرتسليا في الصدارة – لماذا الازدحام كبير تحديدًا هناك؟

عند اعتماد مدة الرحلة اليومية إلى العمل كمؤشر لقياس الازدحام، تتصدر رحوفوت قائمة المدن الأكثر اختناقًا مروريًا في إسرائيل. إذ يقضي أكثر من 52% من العاملين فيها ما يزيد عن نصف ساعة في الطريق. رقم مرتفع يفسّر ما يشكو منه سكان المدينة منذ سنوات: كل شيء متوقف.

تعتمد رحوفوت على عدد محدود من المخارج المؤدية إلى شرايين مركزية مثل شارع 4 وشارع 42 المزدحمين. آلاف العمال يغادرونها صباحًا نحو تل أبيب وريشون لتسيون ومركز البلاد، وآلاف آخرون يدخلون إليها باتجاه حديقة العلوم التي تواصل التوسع. النتيجة: المدينة تتحول إلى مركز ازدحام تتدفق إليه حركة سير ثنائية الاتجاه، وتجد نفسها محاصرة داخل دوائر مرورية من صنعها.

هرتسليا تأتي بعدها مباشرة بنسبة 51.2% من العاملين الذين يمضون أكثر من نصف ساعة للوصول إلى أعمالهم. المدينة، التي تضم أحد أهم مراكز الأعمال في البلاد، أصبحت رمزًا للاختناق المروري. آلاف المركبات تتدفق يوميًا إلى “هرتسليا بيتواح” عبر طرق ضيقة وبطيئة، بينما يواجه السكان صعوبة في التنقل داخل المدينة نفسها، التي صُممت أحياؤها سابقًا لاستيعاب عدد أقل بكثير من المركبات.


القدس رسميًا في المركز الثالث… لكنها فعليًا الأولى

ورغم أن التصنيف الرسمي يضع القدس ثالثة بنسبة 48% من الرحلات الطويلة، إلا أن تفكيك البيانات الداخلية يرسم صورة مختلفة تمامًا. فالمدينة تُعدّ في الواقع الأكثر ازدحامًا بسبب الفارق الهائل بين شطريها.

  • 35% فقط من سكان غرب القدس يمضون أكثر من نصف ساعة في الطريق.

  • مقابل 72% من سكان شرق القدس الذين يعانون من رحلات طويلة يوميًا.

هذا الفارق يكشف رواية كاملة:
غرب القدس يستفيد من قرب أماكن العمل، وتغطية جيدة لشبكات النقل العام، وتخطيط حضري متقارب يشبه النماذج الأوروبية.
أما شرق القدس فتعاني من نقل عام ضعيف، بنى تحتية محدودة، ومناطق عمل بعيدة، ما يجعل الازدحام جزءًا من الحياة اليومية.


بني براك وبيت شيمش: نموذج مختلف في الاعتماد على المواصلات العامة

تكشف بيانات مكتب الإحصاء أيضًا أن معظم المدن الأكثر ازدحامًا تتشارك عاملًا واحدًا: الاعتماد الكبير على السيارات الخاصة.
في رحوفوت، هرتسليا، كفار سابا، أشكلون وحولون، يستخدم أكثر من 60% من السكان سياراتهم الخاصة للوصول إلى العمل. الرقم يرتفع إلى 71% في صفوف السكان العرب بالقدس.

لكن الصورة تبدو مختلفة تمامًا في بني براك:

  • أقل من 20% فقط يستخدمون السيارة الخاصة.

  • نحو 70% يعتمدون على المواصلات العامة.

الأمر نفسه ينطبق على بيت شيمش، حيث يتوجه أكثر من 60% من السكان إلى العمل عبر الحافلات والقطارات.

أما في مدن الشارون مثل هرتسليا وكفار سابا، فتنخفض نسبة استخدام المواصلات العامة إلى أقل من 26%، ما يجعلها تعتمد اعتمادًا شبه كامل على السيارات الخاصة، ويُثقل كاهل شبكة الطرق.


الفوارق في مدة الرحلة: أرقام تكشف فجوات اجتماعية – اقتصادية

  • في بيت شيمش: أكثر من 69% يصلون إلى أعمالهم خلال أقل من نصف ساعة.

  • في بني براك: النسبة قريبة جدًا.

  • في غرب القدس: تصل إلى 61%.

  • أما في شرق القدس: فلا تتجاوز 28% فقط.

في المقابل، تُسجل رحوفوت أحد أدنى المعدلات في البلاد، إذ لا يستطيع سوى 40% الوصول سريعًا إلى أعمالهم – دليل إضافي على أزمة التخطيط والتنسيق بين مناطق السكن والعمل.


أين يشعر الناس بالازدحام أكثر؟

عندما يُسأل السكان عن مدى تأثير الازدحام على حياتهم اليومية، تتصدر نتانيا القائمة بنسبة عالية من العاملين الذين يصفون الطريق إلى العمل بأنها “مزعجة جدًا”. تليها حولون وهرتسليا. هذه المدن تقع ضمن نسيج حضري يختلط فيه السكن بالتجارة والعمل، ويتجمع فيها ضغط مروري متواصل.

اللافت أن سكان شرق القدس، رغم رحلاتهم الطويلة، يبلغون عن مستويات أقل من الإزعاج — ربما بسبب اعتيادهم على المسافات الطويلة كواقع دائم.


خلاصة: خمس صور رئيسية للمشهد المروري في إسرائيل

  1. بني براك: الحالة الاستثنائية — استخدام مرتفع للنقل العام، زمن وصول قصير، واستخدام ضئيل للسيارات الخاصة.

  2. القدس: المدينة الأكثر انقسامًا — فجوات واسعة بين شرقها وغربها.

  3. مدن الشارون: المحرك الحقيقي لأزمة الازدحام — هرتسليا، رحوفوت، كفار سابا، نتانيا، ورمات غان.

  4. المدن الطرفية: وضع هادئ نسبيًا — بئر السبع وأشكلون تستفيدان من أسواق عمل محلية قوية.

  5. تل أبيب: المفارقة — سكانها يعانون ازدحامًا أقل، لكن كل من يدخل إليها يعاني من الازدحام الأكبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى