تصاعد الاعتداءات على سائقي الحافلات العرب: نزاع عمل يهدد بإضراب شامل
في ظل تصاعد وتيرة الاعتداءات على سائقي الحافلات العرب في عدد من المدن، وعلى رأسها مدينة القدس، أعلنت منظمة “قوة للعمال” (כוח לעובדים) عن نزاع عمل رسمي قد يتطوّر إلى إضراب شامل، في حال عدم توفير الحماية اللازمة للسائقين ووضع حد لحالات العنف والعنصرية المتكررة بحقهم.
وجاء هذا الإعلان عقب أحداث توتر شهدتها القدس مساء أمس، خلال مباراة كرة القدم التي جمعت فريق بيتار القدس مع اتحاد أبناء سخنين، حيث أفاد سائقون عرب بتعرّضهم لهتافات عنصرية واعتداءات مباشرة عقب انتهاء المباراة.
شهادة سائق: “نُستهدف فقط لأننا عرب”
وفي مداخلة عبر برنامج “استديو المساء” مع الإعلامية شيرين يونس على راديو الناس، قال رئيس شويكي، سائق حافلة في شركة “سوبر بوس” من القدس، إن السائقين العرب يتعرضون بشكل ممنهج لهتافات عنصرية واعتداءات جسدية، خصوصًا بعد مباريات فريق بيتار القدس.
وأوضح شويكي أن المشجعين يطلقون شعارات من بينها: “الموت للعرب” و*“نحرق بيوتهم”*، إضافة إلى سبّ القرآن الكريم والنبي محمد ﷺ، مؤكدًا أن الاستهداف يطال السائقين العرب تحديدًا، دون غيرهم من السائقين اليهود أو من أصول أخرى.
وسرد شويكي حادثة تعرّضه لاعتداء شخصي قبل نحو أسبوع، أثناء قيادته حافلته من منطقة هار نوف باتجاه المحطة المركزية في القدس، حيث اقتربت مجموعة من المشجعين الملثمين من الحافلة، وبدأت بضربها وفتح أبواب الطوارئ بالقوة، قبل اقتحامها وإطلاق الشتائم والهتافات العنصرية.
وأضاف أن أحد المعتدين حاول العبث بماسحات الزجاج وضرب النوافذ، فيما تعرّض هو نفسه لاعتداء مباشر، ما اضطره إلى الاتصال بالشرطة. ورغم وصولها بعد نحو ثماني دقائق، وصف شويكي تعامل الشرطة بأنه “فاتر”، مشيرًا إلى أن أحد المعتدين واصل الشتم أمام عناصر الشرطة دون اتخاذ إجراءات رادعة.
معطيات مقلقة: القدس بؤرة الاعتداءات
من جانبه، قال أيمن وهيب، مرافق لجان العمل في منظمة “قوة للعمال”، إن الاعتداءات على سائقي الحافلات شهدت ارتفاعًا بنسبة 30% منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وأوضح وهيب أنه تم توثيق 13 حالة عنف جسدي خلال الأسبوعين الأخيرين فقط، 9 منها في القدس، مشيرًا إلى أن الاعتداءات لا تقتصر على العنف الجسدي، بل تشمل الشتائم، والإشارات المهينة، وإغلاق الطرق أمام الحافلات، وأحيانًا تصوير الاعتداءات ونشرها على منصات مثل تيك توك، في ما وصفه بـ“حالة تباهٍ بالعنف”.
وأضاف أن القدس باتت بؤرة مركزية لهذه الاعتداءات، في ظل نشاط مجموعات عنصرية تستهدف السائقين العرب، لا سيما عقب مباريات كرة القدم.
نزاع عمل ومطالب واضحة
وفي ضوء هذا الواقع، أعلنت لجان العمل عن نزاع عمالي رسمي، محذّرة من اللجوء إلى إضراب شامل في خطوط “سوبر بوس” في القدس، العفولة وطبريا، إضافة إلى خطوط “المترونيت” في حيفا، إذا لم تتم الاستجابة لمطالب السائقين، والتي تشمل:
-
إقامة حاجز فاصل داخل الحافلات بين السائق والركاب، أسوة بالقطارات والمترونيت، للحد من الاحتكاك المباشر.
-
تفعيل شركة أمن خاصة لحماية السائقين، خصوصًا في القدس، وهو مطلب مطروح منذ نحو 7–8 أشهر بين وزارتي المواصلات والأمن القومي دون تنفيذ فعلي.
-
تحمّل شركات الحافلات مسؤولية تقديم الشكاوى للشرطة باسم السائقين، بدل تركهم يواجهون الإجراءات القانونية بمفردهم.
انتقادات للجهات الرسمية
وانتقد وهيب أداء الجهات الرسمية، مشيرًا إلى أن اقتراح وزارة المواصلات بإيقاف الخط الذي يتعرض فيه السائق لاعتداء لمدة 12 ساعة لا يُطبّق فعليًا من قبل الشركات خشية الخسائر المالية.
كما أشار إلى أن نحو 30% فقط من حالات العنف تُبلّغ لشرطة القدس، بينما يتم تصنيف 80% من الشكاوى على أنها “خلافات بين جيران”، وليس اعتداءات على موظفين أثناء أداء عملهم، ما يؤدي إلى غياب الردع واستمرار الظاهرة.
وختم وهيب بالتحذير من أن سائقين يتعرضون للاعتداء قد يلتقون بالمعتدين أنفسهم بعد 24 ساعة فقط “دون أي عقوبة حقيقية”، معتبرًا أن استمرار هذا الواقع يهدد سلامة السائقين ويقوّض شعورهم بالأمان.



