
كشفت معطيات حديثة حول معدلات التطعيم في إسرائيل عن مفارقات حادّة بين بلدات متجاورة تفصل بينها مسافات قصيرة فقط، إذ تبيّن أن البلدات العربية والدرزية تسجّل من بين أعلى نسب التطعيم في البلاد، في حين تُظهر بلدات يهودية ميسورة وعلمانية نسبًا منخفضة بشكل ملحوظ.
وتستند المعطيات إلى بيانات لقاحات الروتين للأعوام 2023–2024، نُشرت على موقع واينت عقب التماس قدّمته الحركة لحرية المعلومات، مطالِبة وزارة الصحة بالكشف عن الأرقام المحدثة.
أم الفحم مقابل برديس حنّا–كركور: فجوة صارخة رغم القرب الجغرافي
تُظهر البيانات فجوة كبيرة بين أم الفحم وبرديس حنّا–كركور، رغم أن المسافة بينهما لا تتجاوز 20 كيلومترًا. ففي أم الفحم، تصل نسب التطعيم في لقاحات الروتين إلى 93%–99%، بما يشمل لقاحات الحصبة، الحصبة الألمانية، التهاب الكبد B، التهاب السحايا (المستدمية النزلية B)، الروتا وجدري الماء.
في المقابل، تسجّل برديس حنّا–كركور نسبًا تتراوح بين 70% و89% فقط، حيث لا تتجاوز نسبة التطعيم ضد الحصبة والحصبة الألمانية 72%، وهي أقل من مدن حريدية مثل القدس (76%) وبيت شيمش (75%).
فجوات حتى بين بلدات يهودية متجاورة
حتى بين البلدات اليهودية نفسها تظهر فروقات واضحة؛ إذ تسجّل بنيامينا نسبًا أعلى قليلًا من برديس حنّا–كركور، مع 78% للجرعة الأولى من لقاح الحصبة–الحصبة الألمانية، مقابل 72% في برديس حنّا–كركور.
البلدات العربية والدرزية في الصدارة
ولا تقتصر الصورة الإيجابية على أم الفحم فقط، إذ تُظهر بلدات عربية ودرزية أخرى نسب تطعيم تفوق 90%، من بينها كفر قاسم، طمرة وبسمة طبعون.
وفي لقاح التهاب الكبد B، سُجّلت نسب تطعيم كاملة (100%) في بلدات مثل شفاعمرو، باقة الغربية وسخنين، إلى جانب بلدات وكيبوتسات يهودية صغيرة.
القدس، الجنوب، والوسط: صورة غير متجانسة
في منطقة القدس، تظهر فجوات تصل إلى 15% بين بلدات متجاورة، حيث تسجّل مفسيرت صهيون العلمانية 94% تطعيم ضد التهاب الكبد B، مقابل 80% في القدس و74% في بيت شيمش الحريدية.
وفي الجنوب، تبلغ نسبة التطعيم ضد جدري الماء 78% في بئر السبع مقابل 90% في رهط، وكذلك الحال في لقاح الحصبة–الحصبة الألمانية.
أما في وسط البلاد، فتسجّل مدن مثل موديعين، رعنانا وهود هشارون نسبًا مرتفعة، بينما تنخفض النسب في موديعين عيليت وكفار سابا. وفي بعض البلدات خلف الخط الأخضر، مثل تكوع، تهبط نسب التطعيم إلى 50% فقط.
الناصرة تتفوق على نوف هجليل
تُظهر المقارنة بين الناصرة ونوف هجليل فجوة واضحة، إذ تبلغ نسبة التطعيم ضد شلل الأطفال في الناصرة 99% مقابل 89% في نوف هجليل، وضد التهاب الكبد B 99% مقابل 87% على التوالي.
انتقادات لوزارة الصحة ومطالب بالشفافية
وقال البروفيسور نداف دوفيدوفيتش، رئيس قسم سياسة الصحة في مركز تاوب، إن المعطيات تكشف تفاوتًا كبيرًا بين اللقاحات والبلدات، مشيرًا إلى أن الانخفاض في نسب التطعيم بدأ قبل جائحة كورونا واستمر بعدها، خلافًا للاعتقاد السائد.
من جهته، انتقد المحامي دان روزنتال، الذي قدّم الالتماس باسم الحركة لحرية المعلومات، تأخّر وزارة الصحة في نشر البيانات، معتبرًا أن عدم الشفافية يضر بالجمهور ويُعيق مواجهة تفشي الأمراض.
وأكدت الحركة أن نشر بيانات التطعيم بشكل سنوي ومنتظم ضرورة أساسية لتمكين السلطات المحلية والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني من التعامل مع المخاطر الصحية المحتملة.





