رصد حالات حصبة في البلاد جراء العدوى من قبل اشخاص عادوا من الخارج
أفادت وزارة الصحة في الأسابيع الأخيرة عن رصد عدة حالات من الإصابة بالحصبة في البلاد بما في ذلك منطقة الشمال وحيفا. ويدور الحديث عن حالات عدوى على ما يبدو أصيب بها اشخاص عادوا من خارج البلاد وقاموا بنقل العدوى الى اخرين بعد وصولهم.
وقالت الدكتورة هبة أبو زياد مديرة وحدة الأمراض التلوثية في المركز الطبي تسافون “بوريا“ ان الحديث يدور عن فيروس من أكثر الفيروسات المعدية في تاريخ البشرية، وهو يصيب الأطفال خاصة، لكنه ينتقل أيضا الى الكبار والبالغين، وهو فيروس ينتقل عن طريق الهواء، حيث انه يكفي لانتقال العدوى تواجد شخص مصاب بالحصبة في داخل غرفة لفترة معينة وانتقال العدوى للآخرين حتى بدون لقاء او تلامس بينهما.
وأضافت د. أبو زياد عن أسباب عودة انتشار حالات الحصبة في البلاد وقالت:” الحصبة موجودة في مناطق مختلفة من العالم بالذات في المناطق التي تفتقد الى جودة الخدمات الصحية اللازمة لنشر التطعيمات. إذا كانت نسبة التطعيم في بعض المناطق في العالم اقل من 95% فان ذلك من الممكن ان يؤدي الى عودة تفشي الفيروس، من هنا يمكن القول ان القضاء على هذا الفيروس يتطلب نسب تطعيم عالية جدا. في السنة الأخيرة هناك ارتفاع في حالات الحصبة في بعض دول العالم، حيث ان أسباب اكتشاف الحالات في البلاد ينبع بالأساس من خلال عدوى انتقلت الى اشخاص من البلاد مكثوا في الخارج وبالتالي حملوا هذا المرض دون علم وقاموا بنقل العدوى لأشخاص هنا في البلاد. في العام 2022 لم نشهد أي حالة من مرض الحصبة، لكن في العام 2023 كان هناك ارتفاع في مرض الحصبة عالميا، وبالتالي فقد رصدت أربع حالات إصابة لأشخاص حضروا من خارج البلاد نقلوا العدوى الى 17 شخص اخر، وفي الاشهر الأخير نتحدث عن 10 حالات عدوى في البلاد. الموجة القوية للحصبة كانت في العام 2018، حيث وصلت البلاد بعض الحالات وأدت الى ما يقارب 4290 إصابة، حيث ان قسم كبير ممن أصيبوا لم يكونوا مطعمين، هذه الموجة التي أدت الى وفاة 3 اشخاص بسبب التعقيدات الحصبة”.
واشارت د. أبو زياد حول احتمالية العدوى للأشخاص المطعمين وقالت: “المطعمون اقل عرضة للعدوى، اذ ان جرعتين من التطعيم توفر مناعة بنسبة تتراوح ما بين 95% حتى 99% الجرعة الأولى يتم تناولها في جيل عام واحد “.
لكن في حالة إصابة شخص مطعم فإن اصابته تكون اقل حدة واقل خطرا أيضا واقل احتمالا لحدوث أي تعقيدات مرضية. مع ذلك ورغم التطعيم الذي تلقاه هؤلاء المصابين، الا انهم يبقون ضمن الأشخاص الذين قد ينقلوا العدوى لآخرين. يجب الإشارة هنا الى ان هنالك شرائح مجتمعية معينة في البلاد والعالم لا تتلقى التطعيم لأسباب دينية أو صحية او أيديولوجية وغيرها، مع العلم ان المجتمع العربي يتمتع بنسبة تطعيم عالية وهي من اعلى النسب بين الشرائح السكانية في البلاد كافة.
وعن عوارض الحصبة اشارت د. أبو زياد:” نتحدث عن حمى عالية، احمرار في العيون، ألم في الحلق بالإضافة الى آلام البطن والاسهال. لكن مما يؤكد الإصابة بالحصبة هو حصول طفح جلدي بعد يومين او ثلاثة يبدأ بالتكون في الوجه ووراء الاذنين والرقبة وينتقل الى بقية والأطراف، كما ان الطفح الجلدي ممكن ان يحصل ايضا داخل الفم، مع العلم ان المصاب يعتبر شخص مُعدي قبل حدوث الطفح الجلدي لديه. وأما بعد 5 أيام من ظهور الطفح الجلدي يتوقف المصاب عن كونه شخص مُعدي”.
وأضافت في هذا السياق: “عند معظم الأشخاص المصابين لا تحدث اية تعقيدات اثناء وبعد الإصابة بالحصبة، لكن لدى البعض من الممكن ان يحدث ضعف مناعي قد يؤدي الى الإصابة بالالتهابات الجرثومية في الرئتين وغيرها. اما فيما يتعلق بالتعقيدات الأكثر ندرة وخطورة فهي التي قد تحدث لدى الأطفال غير المطعمين خاصة الالتهاب الدماغي الذي يؤدي الى ضرر عصبي دائم او الى الوفاة”.
واختتمت د. أبو زياد حديثها مشيرة الى انه لا يوجد علاج للمصابين بالحصبة، انما نتحدث عن علاج مساند وداعم للجسم للتغلب على هذا الفيروس ولضمان عدم حدوث تعقيدات صحية مرافقة أخرى. ويبقى التطعيم هو الوسيلة الأكثر فعالية منعا لانتشاره. مع العلم انه يتوجب ان ننوه هنا الى ان أي شخص تراوده شكوك حول اصابته بالفيروس، بفعل ظهور العوارض المذكورة، يتوجب عليه وضع الكمامة منعا لنقل العدوى لآخرين، وبقائه في الحجر الصحي وعدم التواجد في الأماكن المكتظة، ولابلاغ حول شكوك اصابته للطبيب قبل التوجه الى العيادة وابلاغ غرفة الطوارئ والطاقم الطبي قبل دخوله اذا توجه للمعاينة الطبية، منعا لنقل العدوى داخل غرف الطوارئ والعيادات، مع العلم اننا كأطباء نخشى دائما انتقال العدوى لأطفال قد يتواجدوا في غرف الطوارئ غير مطعمين بعد، او الذين لم يستكملوا بعد جرعتين من التطعيم”.