على خلاف السنوات السابقة، تشهد المحلّات التجاريّة في مدينة أم الفحم حركة تجارية متواضعة، في ظلّ الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزة، المستمرّة منذ أكثر من 6 أشهر، والحالة الاقتصاديّة التي تأثّرت بالحرب.
وكانت المحلات التجارية في مدينة أم الفحم، تشهد ازدحامات في المحلات التجارية عشية وخلال شهر رمضان كل عامّ، مع توافُد الأهالي لشراء حاجيّاتهم، ولكن المحلات التجارية شهدت هذا العام حركة شبه معدومة من قِبل الأهالي، بحسب ما قال أصحاب محال تجاريّة، أبدوا قلقهم إزاء الوضع.
وتختلف أسباب ضعف الحركة التجارية في المدينة، إذ إنها تأثّرت بالحرب، فقد انعدمت مظاهر الفرح بقدوم شهر رمضان هذا العام في المدينة التي كانت تشهد سنويًّا مسيرات واحتفالات احتفائية بقدوم الشهر؛ كما ارتفعت نسبة العاطلين عن العمل بسبب الحرب، ما أدى إلى تراجع الحركة التجارية.
وفي حديث لـ”عرب 48″، قال محمود الطاهر وهو صاحب سلسلة ملاحم في مدينة أم الفحم: “نهنّئ الجميع بقدوم شهر رمضان المبارك، ونأمل أن يعمّ الأمان والسلام على الجميع، ولكن في كل ما يتعلق بالشراء والحركة التجارية؛ فقد انخفضت بالطبع بشكل كبير”.
وتابع الطاهر: “من كان يشتري خمسة كيلو من اللحم، بات اليوم يشتري كيلو فقط، بسبب الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الأهالي في ظلّ الحرب”.
وأضاف أن “الحرب أثّرت بشكل كبير على حركة الأهالي، ونحن كتجار وأصحاب محلّات تجارية نلاحظ أن الحركة التجارية تضرّرت بشكل كبير، والناس يأتون لشراء الأساسيات فقط، إذ إن نفسية الأهالي سيّئة بفعل الحرب”.
وأعرب الطاهر عن خشيته “من شراء بضائع بكميات كبيرة لتتكدَّس في المحلات بعد ذلك، ما سيؤدّي بالتالي إلى تلفها، وهذا بسبب موجة الغلاء التي نشهدها في البلاد، وبخاصة أن المواطنين يأتون لشراء القوت اليوميّ، وليس شراءً لأسبوع كامل كما كان في السابق”.
وعن أسباب ارتفاع الأسعار، ذكر أن “إغلاق الموانئ بسبب الحرب، أدى إلى ارتفاع أسعار المواشي والأبقار، وبالتالي هذا أدّى إلى ارتفاع أسعار اللحوم في البلاد”.
وأضاف: “نحن كتجّار كنا ننتظر وصول باخرتين تحملان مواشي وأبقارا من خارج البلاد، وكان من المفترض أن تصل الباخرتان خلال الأسبوع المقبل، ولكن تمّ إلغاء رحلة الباخرتين بسبب إغلاق الموانئ، وهذا يزيد ويعمّق أزمة الغلاء والنقص أيضًا”.
وقال صاحب محلّ للبهارات في منطقة السوق في المدينة لـ”عرب 48″: “لا يخفى على أحد أنّ الأوضاع التي نشهدها صعبة جدًا، إذ إن الحركة التجارية في السوق وفي المدينة بشكل عام شبه معدومة، والأهالي يأتون لشراء الضروريات والأساسيات فقط، والوضع ليس كما كان بالسابق”.
وأضاف أن لهذا “أسباب عدّة، أهمها فقدان الكثير من العمال عملهم، وهذا أدّى إلى تراجُع الحركة التجارية، فعندما يعمل العمال ويتلقون رواتبهم، تنتعش الحركة التجارية، ولكن بسبب ارتفاع البطالة، تراجعت الحركة التجارية”.
وأضاف: “كنت أشتري أكثر من 4 آلاف سلة تقدَّم للعمال كهدايا خلال الأعوام السابقة، ولكن هذا العام لم أشترِ سلّة واحدة بسبب عدم طلب المقاولين، وهذا يدلّ على مدى الحالة الصعبة التي يعاني منها الأهالي بسبب الغلاء؛ كما أن معظم المقاولين في مدينة أم الفحم كانوا يأخذون إجازة طيلة شهر رمضان كل عام، للتفرُّغ للعبادة والصلاة، ولكن هذا العام بسبب الأزمات المتلاحقة والتوقّف لمدة طويلة عن العمل بسبب الحرب، لم يأخذ المقاولون إجازات خلال الشهر، بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة، والخسائر التي تكبّدها المقاول والعامل”.
وتابع: “أنا أملك 4 محلّات للبهارات والعطارة في مدينة أم الفحم، وهذا العام اعتمدنا على شراء البضائع الرئيسية فقط، وذلك لأننا نتخوّف من أن نشتري بضائع بكميات كبيرة، وأن تتكدس هذه البضائع في المحلات بسبب عدم بيعها، وهذا جعلنا نشتري البضائع الضرورية”.
وقال: “في كل عام كنا نستورد أنواع حلوى من خارج البلاد، وهذا العام لم نستورد بسبب الغلاء وحركة الملاحة المعدومة بشكل شبه كليّ، ما أدّى إلى ارتفاع الأسعار، ونأمل أن تنتهي الحرب في أقرب وقت ممكن لأن ما يحصل ونشهده صعب جدًا”.
وقال صاحب مسمكة في مدينة أم الفحم لـ”عرب 48″: “في حال قارنا الحركة التجارية بالعام السابق، سنلاحظ أن الحركة انخفضت بنحو 50%، وهذا بسبب الحرب وما يشهده الأهالي من أوضاع اقتصادية صعبة، بسبب البطالة التي يعاني منها العديد من الأهالي في المدينة”.
وبشأن استيراد الأسماك، ذكر أن “استيراد الأسماك تضرَّر بشكل كبير، لأن الأسماك كانت تصلنا عن طريق 3 موانئ؛ ميناء يافا – تل أبيب، وميناء أسدود، وحيفا، واليوم الأسماك المستورَدة تصل فقط إلى ميناء حيفا، وهذا أدى إلى انخفاض الكميات المستوردة، كما أدّى بالمقابل إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير”.
وتابع: “يوجد نوع سمك كان يُباع تقريبًا مقابل 80 شيكل قبل الحرب، واليوم يباع مقابل 130 شيكل، وهذا الارتفاع جنوني وقد أثّر على كل التجّار، وأصبح التاجر وأصحاب المحلات يشترون كميات محدودة خوفًا من تكدّسها، وبالتالي تلفها”.
وأضاف أن “الارتفاع ليس فقط على أسعار الأسماك الطازجة، إنما على الأسماك المجمدة كذلك، التي ارتفعت أسعارها بسبب انخفاض الاستيراد وصعوبة وصول البضائع، وهذا أدّى إلى الارتفاع الذي نعاني منه اليوم، وهو ما جعل الزبون يفكّر عدّة مراّت قبل الشراء، بسبب الغلاء”.