مع بلوغنا الأسبوع الثاني من شهر رمضان المبارك الذي يتزامن هذا العام مع حلول الأجواء الربيعية واعتدال درجات الحرارة، يتخبط الكثير من الصائمين خاصة ممن يعانون من الأمراض العابرة والامراض المزمنة، حول كيفية عبور هذا الشهر والالتزام بقواعد الصيام من جهة، والحفاظ على تناول الأدوية والعلاجات اللازمة ومراعاة حالتهم المرضية من جهة ثانية. ولعل أكثر فئة من الذين يتساءلون في هذا السياق هم مرضى الجهاز الهضمي، من حيث تأثير الصيام المتواصل عليهم، بل حتى بكل ما يتعلق بأنماط تناول وجبات الإفطار الرمضانية والسحور وما الى ذلك.
وعن هذا الموضوع تحدث د. رافع شلبي اخصائي الامراض الباطنية وأمراض الكبد والجهاز الهضمي ومدير قسم التهابات الأمعاء المزمنة في المركز الطبي “تسافون” بوريا، حيث قال انه من أبرز مشاكل الجهاز الهضمي التي من الممكن ان تؤثر بشكل ايجابي على الصائم في رمضان تكمن لدى مرضى القولون العصبي الذين يعانون من الغازات والانتفاخات في البطن وممن يعانون من أعراض الاسهال والامساك، اذ يعتبر الصيام لهؤلاء صحيا جدا وتأثيراته تكون إيجابية عليهم.
اما فيما يتعلق بمرضى الجهاز الهضمي الذين يعانون من حرقة المعدة النشطة وارتجاع المريء، فمن المحبذ عدم الصوم إذا لم يتعافوا بشكل تام من هذا المرض، لان الصيام قد يؤدي الى تفاقم المشكلة الى حد ملحوظ، خاصة إذا كانت كميات الطعام التي يتناولها هؤلاء المرضى في موعد الإفطار كبيرة وتحتوي على الدهنيات، بالإضافة الى الحلويات والمشروبات الغازية المفرطة.
اما المجموعة الثالثة من المرضى فهم الذين يعانون من امراض معوية مزمنة وعلى الاخص الالتهابات التقرحية مثل الكرون والكوليتس، هذه الامراض التي أصبحت منتشرة جدا في الفترة الأخيرة وبالأخص في المجتمع العربي، اذ يضطر هؤلاء المرضى الى تناول الأدوية المزمنة، حيث يشترط صوم هؤلاء في حال كان المرض لديهم في حال استقرار وهدوء تام وفعلي، لكن يمنع عنهم الصوم بتاتا في حال كان المرض لديهم في حالة من التهيج.
وعن مرضى الكبد الذين يعانون من أمراض الكبد المزمنة فقال د. شلبي انه بإمكان هؤلاء أيضا الصوم طيلة شهر رمضان بدون أي مشكلة إذا كانت الحالة المرضية لديهم متوازنة ومستقرة، اما في الحالات التي فيها يكون المرض غير متوازن فمن المحبذ عدم الصوم، لأن الصيام سيؤدي الى تهيج المرض.
وعن الظواهر المرضية التي قد تداهم الصائمين في شهر رمضان في المجتمع العربي عامة فقال د. رافع شلبي في هذا السياق ” الحديث يدور عن حرقة المعدة او ارتجاع المريء، اذ ان عددا كبيراً من الصائمين قد يعانون من حرقة المعدة وارتجاع المريء حتى إذا كانوا لا يعانون أصلاً من امراض معدة او امراض الجهاز الهضمي سواء العادية او المزمنة منها. من هنا يتوجب على الصائمين تقليل تناول الدهنيات والفلفل الحار خلال وجبات الإفطار والتقليل من تناول الحلويات وشرب الغازات والمشروبات المشبعة بالسكر التي من شأنها ان تسبب حرقة المعدة وارتجاع المريء وتفاقم هذه المشكلة لديهم.
وفي حديثه عن اهم التوصيات التي يشدد عليها لجمهور الصائمين في رمضان بصفته طبيب اخصائي جهاز هضمي أشار د. شلبي الى ان تناول كميات كافية من الماء (ما بين 2 – 3 ليتر) طيلة فترة الإفطار من شأنه ان يساعد في عملية امتصاص المواد الغذائية وتسهيل عملية الهضم، مع العلم ان هناك اعتقاد شائع وخاطئ لدى العديد ان شرب كميات مفرطة من المياه يعتبر امرا صحيا لكن هذا الاعتقاد خاطئ كليا، بل يتوجب شرب المياه على مدار فترة الإفطار بكميات معقولة محدودة وليس الافراط في الشرب.
كما تطرق د. شلبي في التوصيات الى الاعتقاد الخاطئ والمنتشر أيضا حول الافراط في تناول المشروبات الغازية المحلاة عند الإفطار من منطلق انه تعمل على تخفيف عملية الانتفاخ وتساعد في تفريغ الغازات من الجسم، مؤكدا ان هذه المشروبات على العكس تزيد الغازات والانتفاخ وعلى الصائمين تجنبها وعدم الافراط في تناولها.
وأضاف د. شلبي في حديثه عن الافراط أيضا في شرب القهوة بعد الإفطار اذ ان شربها بكميات كبيرة يؤدي الى التبول المتكرر مما قد يؤدي بعد ذلك الى التسبب بالجفاف او الاسهال أيضا، لذا يتوجب شرب القهوة بشكل معقول وبكميات محدودة.
وفي ختام حديثه أشار د. شلبي الى أهمية تجنب المأكولات ذات الأطعمة والسعرات الحرارية العالية، مع التشديد على تناول الدواجن والاسماك والاطعمة الغنية بالألياف، والخضار والفواكه مع ممارسة تمارين رياضية خفيفة بعد الإفطار، الامر الذي يعتبر صحيا جدا وتجنب تناول الأطعمة قبل النوم مباشرة، مؤكدا ان كل شخص أدرى بجسمه ويعرف مقدرته واحتياجاته والدين الإسلامي دين يسر وليس دين عسر لذا من لا يقوى على الصيام لهذه الأسباب فمفضل عدم الصوم.