زياد شليوط – الصنارة
كثيرون ينتظرون قدوم فصل الربيع، الفصل الذي تظهر فيه براعم الزهور وتزهر فيه الأشجار وتكتسي فيه الأرض بالخضرة، وينطلق الانسان نحو الطبيعة للتنزه والتمتع بمناظر الطبيعة وقطف الأزهار أو العمل في تعشيب الأرض، لكن لا يحمل لنا الربيع المسرات دائما، فهناك ملايين الأشخاص المصابين بالحساسية الموسمية، ويتعرضون في الربيع للعطاس والاحتقان ورشح الأنف وغيرها من الأعراض الأخرى المزعجة. للوقوف على ظاهرة حساسية الربيع وعوارضها وكيفية التعامل معها، التقت صحيفة “الصنارة” الدكتور أمير عليمي، وهو طبيب أطفال ونائب مدير مستشفى الناصرة.
الصنارة: ما هي حساسية الربيع وما هي أعراضها المتعارف عليها؟
د. عليمي: حساسية الربيع هي من الأمراض الشائعة جدا وخاصة في فصل الربيع. عوارضها فرط التحسس بالأنف، حكة الأنف، فرط دموع في العينين، العطاس المتكرر والسعال، الحكة الداخلية في منطقة الحنجرة، هالات سوداء تظهر حول العينين، الشعور بضيق نفس في حالات خاصة ناتجة عن مشاكل في التنفس عادة وتقرحات في الجلد.
حساسية الربيع ممكن أن تصيب الأطفال وغيرهم، خاصة من جيل 12 – 17 على الغالب، لكن عمليا كل الأجيال معرضة للإصابة بهذه الحساسية.
الصنارة: ما هي أسباب حساسية الربيع المتعارف عليها؟
د. عليمي: أكثر مسببات الإصابة بهذه الحساسية هي حبوب اللقاح الموجودة في الأشجار والأعشاب ويمكن أن تتواجد أيضا في العفن، عث الغبار وهي كائنات صغيرة جدا تعيش في السجاد والستائر والمفروشات وتكون مختبئة فيها ولا نكاد نراها بالعين المجردة.
أما الأسباب الفيزيولوجية لحساسية الربيع فتكمن عمليا في حبوب اللقاح المنتشرة في الهواء، وخاصة عندما تكون هناك رياح تساعد على نقل الحبوب من مكان لآخر، وتدخل الجسم عن طريق تجويف الأنف أوالعينين، وهذا يؤدي الى تحفيز جهاز المناعة الذي يتعرض لهيجان ويفرز مضادات معينة، تؤدي الى تواجد الحساسية في الجسم. الأجسام المضادة تأخذ بمهاجمة حبوب اللقاح على أنها أجسام غريبة دخلت إلى الجسم، وهذا يؤدي الى افراز مادة في الجسم تدعى الهستامين المسؤولة -عمليا- عن انتاج السيلان في الأنف، الاحمرار في العينين وأعراض التحسس الأخرى.
الصنارة: ما هي العلاجات المقدمة والمتعارف عليها ضد الحساسية؟
د. عليمي: العلاج يقسم الى قسمين: الأول أن تتعايش مع الحساسية وتحاول منعها بطرق غير طبية، بأن:
– تقوم باغلاق الأبواب والنوافذ خاصة في موسم حبوب اللقاح
– استخدام أكثر لمكيفات الهواء التي تحافظ على الهواء، داخل البيت وفي السيارة
– تجنب النشاط في الخارج في ساعات الصباح.
– تنظيف المنزل بشكل مستمر من الغبار، وهناك أجهزة خاصة لهذا العمل.
– غسل العينين والأنف بماء عادي، وكذلك غسل الشعر الذي يمكن أن تختبيء فيه حبوب اللقاح.
– تغيير الملابس لدى عودتك الى البيت خشية أن تكون عالقة فيها حبوب اللقاح.
النوع الثاني من العلاج يعتمد على عدة أنواع من الأدوية، وخاصة المسماة مضادات الهستامين وهو مادة تفرز بالجسم عندما تعمل المناعة ضد حبوب اللقاح. وهذه تساعد على التخفيف من أعراض المرض، عندما يخف افراز الهستامين في الجسم العوارض تخف بشكل طبيعي، عمليا الأدوية تقدم عن طريق الفم أو بواسطة العينين لتخفيف أدوية مزيلة للاحتقان لتخفيف سيلان الأنف الذي يساعدنا لتخفيف احتقان الأنف عن طريق الفم أو البخاخ الأنفي (رذاذ) بشكل موضعي لتخفيف المسامات التي تصدر الافرازات وتخفف احتقان الأنف، عمليا تضيق الأوعية الدموية في الأنف وتؤدي الى أقل افرازات.
مهم أن نشدد هنا أن بعض الأشخاص يطلبون مادة الاسترويد أو الكورتيزون، والتي ليس من المحبذ استخدامها بشكل عادي أو دوري، انما نحتفظ بها لحساسيات كبيرة وتحتاج لعلاج فوري أو أكثر من سيلان، مفضل عدم استعمالها أكثر من خمسة أيام وتتعلق بتعليمات الطبيب في حالات خاصة، لا نفضل بشكل عام استعمال هذه الأدوية بشكل روتيني.
الصنارة: هل يوجد علاج يمنع الحساسية نهائيا؟
د. عليمي: ممكن أن تبقى الحساسية معك وممكن أن تختفي من تلقاء نفسها، وهذا يتعلق بالجسم والتغييرات التي تطرأ عليه، سواء عند الأجيال المتقدمة حيث تأخذ الأعراض تخف رويدا رويدا، لكن الحساسية عادة تبقى ملازمة للشخص المصاب بها. هناك أشخاص لا تكون لديهم حساسية لكنها تظهر في جيل معين، وهذا يتعلق بدرجة توهج الجسم وغيرها.
يلجأ الأطباء في بعض الحالات إلى العلاج بالأمصال، التي تعتمد على تعريض المريض لكمية قليلة جدا من مسببات الحساسية لفترات طويلة، قد تصل إلى سنوات بهدف حث جهاز المناعة لتكوين مضادات.
الصنارة: كيف نشخص حساسية الربيع؟
د. عليمي: هناك أكثر من وسيلة للتشخيص: الفحص الاكلينيكي/ السريري عند الطبيب مع الاستماع لما يعطينا المريض من معلومات، اضافة الى تواجده في منطقة تكثر فيها الأشجار تعود على نفس العوارض في العائلة. ممكن تشخيص حساسية الربيع كي نعرف مصدر الحساسية، ونجري اختبار وخز الجلد بواسطة إبر تحدث انتفاخا في المنطقة، مما يعلمنا أن للجسم تحسسا من المادة.
الصنارة: هل للحساسية مضاعفات عدا الأعراض الظاهرة؟
د. عليمي: يجب التمييز بين نوعين من الحساسية: حساسية الربيع الناتجة عن حبوب اللقاح والغبار وعوارضها ذكرناها سابقا، ولا تشكل خطرا على الحياة وهي تشكل الغالبية الساحقة من الحالات التي ذكرناها.
وهناك الحساسية الشديدة والمزمنة فإنها قد تؤدي الى عدة مضاعفات منها : الأشخاص الذين لديهم أمراض رئوية مع هذه الحساسية يمكن أن تؤدي إلى أزمة أي ضيق تنفس، مما يتطلب علاجا سريريا وحاجة للرقاد في المستشفى والخضوع لعلاج مكثف في المستشفى، لذا ننصح في حال وجود غبار كثير في الجو أو رمل وما شابه، ألا يخرج أولئك الأشخاص خارج البيت لئلا يتعرضوا لضيق نفس وبالتالي نقلهم الى المستشفيات.
علينا التفريق بين حساسية الربيع وحساسيات أخرى ناتجة عن الأكل مثلا، أو الحشرات التي يمكن أن تحدث صدمة للجسم في حالة نادرة وبالتالي لهبوط في الدورة الدموية وممكن حالة وفاة.
الصنارة: أخيرا ما هي النصائح التي تقدمها للذين يتعرضون لحساسية الربيع؟
د. عليمي: عند ظهور العوارض على المصاب أن يتوجه إلى طبيبه المختص في العيادة، وألا يستعمل الأدوية من تلقاء نفسه أو بالتشاور مع أصدقائه أو أبناء عائلته. ضرورة التوجه لطبيب حساسية واجراء فحص الوخز بالابر الذي ذكرناه لمعرفة سبب الحساسية، وهناك احتمالات عديدة يمكن أن تنتج عنه، والعوارض يمكن أن تحدث من أمر واحد (نوع شجرة مثلا)، فالتشخيص يساعدك لمعرفة العوارض. ارتداء الكمامة ونظارات الشمس، لمنع استنشاق واستقبال الحبوب مباشرة والموجودة في الهواء. ويبقى الأهم استشارة طبيب الحساسية بالطبع.