في 18 أيار/ مايو عام 1998، أبلغت الشرطة الشيخ رائد صلاح، الذي كان يشغل منصب رئيس بلدية أم الفحم في حينه، بأن هناك أمرًا عسكريا موقعا من قبل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت، أمنون ليبكين شاحك، يقضي بإغلاق مناطق 105، 107، 109 من أراضي الروحة أمام الفلاحين وأصحاب الأراضي ورعاة المواشي العرب، بذريعة أنها منطقة عسكرية مغلقة، الأمر الذي يعني مصادرة حوالي 20 ألف دونم، هي احتياطي الأرض المتبقية لأم الفحم وعارة وعرعرة وكفر قرع وقرى طلعة عارة.
في 24.5.1998، عقد اجتماع هام في قسم الهندسة التابع لبلدية أم الفحم لتدارس الوضع، تقرر فيه تنظيم تظاهرات على مفترقات شارع وادي عارة احتجاجا على الأمر العسكري الجائر، وإصدار بيانات باللغات الثلاث (العربية، العبرية والانجليزية) وتوزيعها لشرح أبعاد هذا المخطط وانطلاق مسيرة سيارات من أم الفحم للتظاهر أمام الكنيست ومبنى وزارة الأمن.
وفي 4 أيلول/ سبتمبر 1998، نصبت خيمة اعتصام على أرض الروحة، وأقيمت فيها شعائر صلاة الجمعة، وتحولت الخيمة إلى ساحة تضامن واحتجاج، إذ أمتها الوفود والأهالي من كافة المناطق، الأمر الذي أغاظ السلطات التي هددت بهدم الخيمة إذا لم يتم تفكيكها وإخلاء المنطقة خلال يومين، إلا أن الأهالي رفضوا هذه التهديدات مؤكدين على حقهم دخول أراضي الروحة والسكن فيها مهما كلفهم من ثمن.
واستمرت نشاطات وفعاليات الخيمة حتى ليلة 27 أيلول/ سبتمبر 1998، حيث قامت قوات معززة من عناصر الشرطة والوحدات الخاصة وحرس الحدود بالانتشار على مداخل مدينة أم الفحم وحي عين ابراهيم وعلى جانبي شارع 65 في وادي عارة، ونصبت حاجزًا كبيرًا، وقامت قوات الشرطة وحرس الحدود بمنع الناس من الوصول إلى الخيمة.
تجمعت حشود كبيرة من الأهالي على حاجز الشرطة معبرين عن احتجاجهم على هدم خيمة الاعتصام ضمن حملة أطلقت عليها الشرطة عملية “القماش المهترئ”، واعتدى عناصر الشرطة والوحدات الخاصة على الناس وأطلقوا الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الصوت والمسيلة للدموع، أسفرت عن وقوع عشرات الجرحى.
وتصاعدت المواجهات بعد أن منعت قوات الشرطة نقل عدد من الجرحى، الأمر الذي أدى إلى المزيد من الإصابات والاعتقالات، ولم تكتف الشرطة والوحدات الخاصة بذلك، بل اقتحمت حرم المدرسة الثانوية الشاملة في مدخل أم الفحم وأمطرتها بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع مسقطة المئات من الجرحى، معظمهم أصيبوا بالاختناق جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، ومع انتشار خبر الاعتداء على طلاب المدرسة الثانوية الشاملة، هرع أهالي الطلاب لإنقاذ أبنائهم والدفاع عنهم، وأغلقت الحشود الغاضبة شارع وادي عارة.
إثر تصاعد المواجهات بعد الاعتداء على المدرسة الثانوية الشاملة، تدخل رئيس الدولة في حينه، عيزر فايتسمان، وتم الاتفاق على انسحاب الشرطة والوحدات الخاصة وحرس الحدود من مواقعها في أم الفحم ومنطقة وادي عارة، والعمل على معالجة جميع الجرحى الذين رفضت صناديق المرضى معالجتهم بحجة “إثارة الشغب”، وإطلاق سراح المعتقلين وإلغاء المحاكمات وإقامة لجنة خاصة تجمع ممثلين عن الحكومة الإسرائيلية واللجنة الشعبية للوصول إلى اتفاق.
وفي عام 2000، تم توقيع الاتفاق الذي سمي “اتفاق الروحة” بين اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الروحة وبين حكومة إسرائيل، التي ترأسها في حينه إيهود براك، حيث وقع الاتفاق نيابة عنها نائب وزير الأمن، إفرايم سنيه، ووزير الداخلية أوفير بينس، ونص الاتفاق على إلغاء المناطق العسكرية والسماح للأهالي بالعودة إلى أراضيهم التي تبلغ 17 ألف دونم، لتحقق بذلك انتفاضة الروحة الإنجاز الثاني بعد الإنجاز الذي حققته انتفاضة يوم الأرض 76 باستعادة أراضي المل المعروفة بالمنطقة 9 والتي تبلغ مساحتها 32 ألف دونم.