فجوات في التعامل مع مخالفات التحريض في عام 2024 بين العرب واليهود في البلاد
اجتمعت لجنة العلوم والتكنولوجيا برئاسة عضو الكنيست أيمن عودة، مؤخراً وعلى جدول أعمالها موضوع عبارات الكراهية والتحريض على الإنترنت وشبكات التواصل لاجتماعي ضد المجتمع العربي.
وطرحت دراسة من إعداد مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست أسئلة صعبة تخص فجوات الإنفاذ وانعدام الشفافية في مخالفات التحريض على الإرهاب في السنتين 2023 و2024. بحسب المعطيات المتضمنة في الدراسة هناك فجوة كبيرة بين عدد المشبوهين وعدد لوائح الاتهام المقدمة بالفعل، وتركيز غير متناسب على مجموعات سكانية معينة. في عام 2023 قدمت فقط 160 لائحة اتهام بمخالفات التحريض، رغم فتح التحقيق في 301 ملف. وفي عام 2024، سُجل انخفاض آخر: 68 لائحة اتهام من أصل 238 ملفا.
وتشير المعطيات أن 25% فقط من الملفات تؤدي إلى الملاحقة القضائية، مما يضع علامات سؤال حول مدى فعالية وجدوى عملية الإنفاذ. ويتبين من توزيع المعطيات من حيث الشرائح السكانية أن 92% من المشبوهين في القضايا كانوا من الأقلية العربية، في حين أن عدد المشبوهين اليهود كان 8% فقط وأنه من بين 42 لائحة اتهام قدمت ضد متهمين عرب عام 2024، لم تنته أي منها بالبراءة. ومن ناحية أخرى، لم يتم تقديم ولو لائحة اتهام واحدة في قضايا المشبوهين اليهود، على الرغم من وصول عددها إلى 20.
وفي أعقاب حرب “السيوف الحديدية” في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تم تخفيف بعض الإجراءات المتعلقة بفتح التحقيقات في هذه المخالفات. وتم تفويض الشرطة بفتح تحقيق حتى بدون موافقة النيابة العامة في حالات إبداء الدعم والتأييد الواضح لمنظمة حماس.
وأدى التغيير إلى فتح 105 تحقيقات إضافية، ولكن هذه المعطيات لم يتم تحليلها بحسب الشرائح السكانية. ويؤكد التقرير على الفجوات بين المعطيات التي قدمتها الشرطة وتلك للنيابة العامة. بينما مررت الشرطة معلومات جزئية حول عدد التوجهات وملفات التحقيق، فإن الشرطة لم تتقدم بتوزيع كامل للمعطيات من حيث القومية أو الجنس، بسبب قيود تسجيل في منظوماتها.
وقال رئيس اللجنة عضو الكنيست أيمن عودة: “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني صراع صعب ومعقد. لقد مررنا بأوقات صعبة للغاية منذ عام 1948 ورغم الأحداث الكبيرة تمكنا من الحفاظ على الحياة المشتركة بشكل أو بآخر ومن واجبنا الحفاظ على ذلك. هناك أشياء أساسية وأولية للغاية وهي إخراج جميع المواطنين من دائرة الرعب والأذى. وهذا هو الحد الأدنى المطلوب حتى قبل كل الجدالات السياسية الصعبة بيننا.
أمامنا ردود صادمة أرسلت عبر الإنترنت إلى العائلات الثكلى في الوسط العربي ومن بينها “ليت أن تزداد هذه الحالات في القرية بأكملها” وأخرى. تعامل السلطات وشركات التكنولوجيا مع الخطاب المسيء والتحريض على الإنترنت يكشف عن صورة مثيرة للقلق الشديد، عندما يكون التحريض موجها بشكل بارز إلى الجمهور العربي. المعطيات المعروضة أمامنا تتحدث عن نفسها: 92% من التحقيقات التي فُتحت في العام الأخير هي ضد العرب، و70% من الاعتقالات جاءت بسبب منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، و20% فقط من الملفات انتهت بتقديم لوائح اتهام. انعدام آليات تعامل مناسبة مع هذه الظاهرة أمر ملفت للنظر: لا توجد جهة مسؤولة، ولا منهجية، ولا تشريعات، ولا معطيات دقيقة، ولا قدرات على توزيع المعطيات حسب القومية أو اللغة.
هذا الوضع هو دليل على عدم جاهزية السلطات للتعامل مع حجم الظاهرة وخطورتها. أدعو وزارة الأمن الوطني والجهات ذات الصلة إلى التحرك الفوري لتحسين الوضع، بما في ذلك تطوير القدرات على توزيع المعطيات والتشريعات المناسبة والشفافية الكاملة. وسنواصل هنا في اللجنة متابعة الموضوع عن كثب والعمل على المضي قدما بالحلول التي تضمن التعامل المناسب مع ظاهرة التحريض على الإنترنت”.
وعرضت الدكتورة تهيلا شفارتس ألتشولر، من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، خلال الجلسة الواقع الرقمي الجديد الذي يدعو إلى تحديات أمام الدول وشركات التكنولوجيا في التعامل مع مخالفات التحريض. ووفقا لها، على رأس قائمة الإخفاقات تقع مشكلة انعدام الشفافية وأن شبكات التواصل الاجتماعي مطالبة بتوفير استجابة سريعة للشكاوى المتعلقة بالمحتوى المسيء، ولكن أوقات التعامل بالفعل بطيئة بشكل كبير، وخاصة في عطلات نهاية الأسبوع وأيام الأحد.
كما قالت إن الشبكات تفشل في تنفيذ آليات فعالة لمراقبة المحتوى بلغات فريدة ومميزة مثل العبرية والعربية، مما يؤدي إلى إنفاذ انتقائي وغير متكافئ، وأن انعدام الشفافية فيما يتعلق بطريقة عمل الخوارزميات يتسبب بتفاقم انعدام ثقة الجمهور في المنصات. في الاتحاد الأوروبي، فإن قانون DSA الذي بدأ سريانه عام 2023 يتطلب من المنصات نشر تقارير بخصوص الشفافية والاستجابة بسرعة للمحتوى المسيء. وفي أستراليا، يوفر قانون “أمان الإنترنت” أدوات لإنفاذ لوائح قانونية صارمة ضد المحتوى الخطير.
وقال خالد قط، زوج صفاء قط (عواد)، وهي معلمة من شفاعمرو قتِلت جراء استهداف صاروخي مباشر لمبنى في مدينة شفاعمرو شمال إسرائيل خلال الجلسة: “رغم الألم الكبير والخسارة الفادحة لأهلنا وأصدقائنا والمدرسة بأكملها والمجتمع، إلا أننا تلقينا تجربة أخرى بالإضافة إلى كل الحزن الذي يمكن أن يكون في العالم وتعرضنا لاعتداء عنصري شديد. سنتخذ كافة الخطوات لاستعادة الاحترام للزوجة والأم العزيزة”.
وقال المحامي حين بن شالوم من مكتب نائب المدعي العام للمهام الخاصة، في مداخلته إنه منذ لحظة وصول ملف إلى مكتب المدعي العام حول أي منشور، فإن اتخاذ القرار بشأنه لا يتم إلا بعد فحص جدي ابتداءً من المحامي المتدرب وحتى نائب المدعي العام الذي يحسم في الموضوع. كل عبارة يتم فحصها بدقة وكل شخص يمكنه التقدم بشكوى من خلال الحاسوب في بيته ويجب التعامل مع الملف الذي لا يمكن إغلاقه إلا بشرط نيل المصادقة على ذلك، وبتالي سحب الملف (وقف التعامل معه) لا يجوز في مخالفة التحريض”.
وقالت الضابطة دانيت شوشان حليوة من جناح التحقيقات والاستخبارات في شرطة إسرائيل إن التعامل مع كل شكوى تتعلق بالتحريض يتم على قدم المساواة لأنهم لا يملكون أي قدرة تقنية على فك شفرة الشكوى حسب القومية أو الجنس أو ما إلى ذلك. وليس هناك إمكانية للتقسيم ويتم النظر في كل شكوى بصورة متساوية”
ووعد ممثلو شركات فيسبوك وجوجل وتيك توك خلال الجلسة بأنهم يستخدمون مجموعة واسعة من الأدوات المتقدمة، الرقمية منها والبشرية، في المعركة المتواصلة ضد انتشار التحريض على الإنترنت. وأكدت الشركات التزامها بإزالة المنشورات المسيئة فوراً، عقب أي شكوى تقدَّم لها، ووعدت بالشفافية الكاملة فيما يتعلق بأنشطتها.