
حوادث الطرق تكلف إسرائيل نحو 20 مليار شيكل في 2024… و2025 تتجه لتكون الأكثر دموية منذ عقدين
لا تقتصر كلفة حوادث الطرق على الأرواح التي تُزهق والمعاناة النفسية الكبيرة التي تلحق بعائلات الضحايا والمصابين، بل تحمل أيضاً ثمناً اقتصادياً باهظاً. ففي عام 2024 بلغت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الحوادث نحو 20 مليار شيكل، بينما تُظهر المؤشرات أن عام 2025 يتجه ليكون الأكثر دموية على طرقات إسرائيل في العشرين عاماً الأخيرة، مع تسجيل شهر يوليو الماضي كأشد الشهور فتكاً بالضحايا منذ عقدين، ومن المتوقع أن تكون تكلفته الاقتصادية أكبر.
منذ مطلع 2025 لقي 271 شخصاً مصرعهم في حوادث الطرق، بزيادة خمسة قتلى مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. أما الخسائر النفسية والمعاناة العاطفية الناتجة عن هذه الحوادث فلا يمكن قياسها بالأرقام، لكن الخسائر المادية واضحة ومرتفعة. ووفقاً للسلطة الوطنية لسلامة الطرق، بلغت التكلفة الاقتصادية للحوادث نحو 19.27 مليار شيكل في 2023، لترتفع إلى نحو 19.6 مليار شيكل في 2024.
الزيادة في أعداد الحوادث والقتلى والمصابين تنعكس مباشرة على حجم الضرر الاقتصادي للدولة، الذي يرتفع عاماً بعد عام. ففي 2024 توفي 436 شخصاً وأصيب 14,170 آخرون بدرجات إصابة متفاوتة، وهو أعلى رقم منذ عام 2007. وخلال النصف الأول من 2025، قُتل 222 شخصاً، وإذا استمر هذا المعدل فقد يحطم العام الجاري الرقم القياسي المأساوي المسجل في 2024.
يُعتبر شهر يوليو من أكثر الأشهر خطورة على طرقات إسرائيل، بسبب مزيج من الازدحامات المرورية، والعطلة الصيفية، وزيادة أنشطة الأطفال والمراهقين خارج الأطر التعليمية. ورغم بعض الانخفاض في الاختناقات المرورية، فإن عدد المركبات على الطرق يرتفع خلال الشهر، إذ تخرج العائلات في رحلات ويقضي الشباب أوقاتهم حتى ساعات متأخرة، لتصبح الطرق مزدحمة كما في أيام الدراسة. كما يفاقم الحر الشديد في الصيف الإسرائيلي الوضع، إذ يسبب التعب وفقدان التركيز. وتشير بيانات السلطة الوطنية لسلامة الطرق إلى أن يوليو يتسم بنسبة مرتفعة من الحوادث القاتلة، خاصة بين الأطفال والمشاة وراكبي الدراجات الهوائية والكهربائية والسكوترات.
يوليو 2025 كان الأكثر دموية في العشرين عاماً الأخيرة، حيث لقي 46 شخصاً حتفهم على الطرق، وهو رقم قياسي بالمقارنة مع السنوات السابقة: 31 قتيلاً في يوليو 2024، و35 في 2023، و20 في 2022.
أغسطس… ازدحام أكبر وخطر متزايد
مع بداية أغسطس، وانتهاء المخيمات الصيفية للأطفال، يخرج العديد من الأهالي في إجازات، ما ينذر بازدحام أكبر على الطرق وبالتالي زيادة مستوى الخطر. ففي أغسطس 2024 توفي 27 شخصاً في حوادث الطرق، وهو رقم تسعى السلطات لعدم تكراره أو تجاوزه هذا العام.
كيف تُحسب التكلفة الاقتصادية للحوادث؟
رغم أن الموضوع يبدو بارداً وغير متعاطف، فإن دراسة جدوى الاستثمار في السلامة المرورية تعتمد على مبدأ “التكلفة مقابل الفائدة”. ويتم تقييم الخسائر البشرية في الحوادث استناداً إلى “إجراءات פר”ת” (مشروع النقل)، وهو ملف إرشادي معتمد من وزارات النقل، والمالية، وحماية البيئة، لتحديد أولوية وجدوى المشاريع المرورية.
تشمل الخسائر الاقتصادية تكاليف الإصابات الجسدية وما يتبعها من نقل، وعلاج، وتأهيل، ورعاية، وانخفاض جودة حياة المصاب وعائلته، إضافة إلى الغياب عن العمل أو الدراسة، وكذلك الأضرار المادية بالممتلكات والتكاليف المرافقة مثل التأخير على الطرق.
وفق بيانات פר”ת (المعتمدة على حوادث 2016–2018):
-
القتيل في حادث طرق يكلف الاقتصاد 9.15 مليون شيكل
-
المصاب بإصابة بالغة جداً: 5.89 مليون شيكل
-
المصاب بإصابة خطيرة: 2.28 مليون شيكل
-
المصاب بإصابة متوسطة: 1.46 مليون شيكل
-
المصاب بإصابة طفيفة: 18 ألف شيكل
وبناءً على هذه المعطيات، بلغت الخسائر الاقتصادية للحوادث في 2024 نحو 20 مليار شيكل، وهي أموال يمكن استثمارها بسهولة في التعليم المروري، وزيادة الرقابة، وتحسين البنية التحتية الخطرة.
المشاة… الفئة الأكثر عرضة
يُظهر פר”ת أن المشاة هم الفئة الأكثر عرضة للموت في الحوادث، ما يجعل تكلفة إصاباتهم أعلى. إذ يدفع الاقتصاد الإسرائيلي سنوياً نحو 2.86 مليار شيكل بسبب إصابات المشاة، أي ما نسبته 20.8% من إجمالي الخسائر.
أما من حيث أنواع التصادمات بين المركبات (باستثناء الدراجات النارية):
-
الحوادث الخلفية: 2.69 مليار شيكل سنوياً
-
الحوادث الجانبية: 1.85 مليار شيكل سنوياً
-
الحوادث الأمامية: 1.21 مليار شيكل سنوياً
-
الحوادث الذاتية للمركبات: 1.9 مليار شيكل سنوياً
كما تُقدّر تكلفة حوادث المركبات مع الدراجات النارية بـ 1.39 مليار شيكل سنوياً، والحوادث الذاتية للدراجات النارية بـ 680 مليون شيكل، وحوادث إصابة راكبي الدراجات الهوائية بـ 450 مليون شيكل.
الحوادث على الطرق بين المدن أخطر وأغلى
تُعد السرعة عاملاً حاسماً في خطورة الحوادث وتكلفتها، إذ تبلغ تكلفة الحادث على الطرق بين المدن ضعف ونصف التكلفة في داخل المدن (438 ألف شيكل مقابل 171 ألف شيكل وسطياً). وتأتي الحوادث الأمامية على الطرق بين المدن في الصدارة من حيث التكلفة (2.6 مليون شيكل وسطياً للحادثة)، بينما تبلغ تكلفة إصابة المشاة في هذه الحوادث نحو 2.15 مليون شيكل، أي أعلى بستة أضعاف من تكلفة الإصابة في حوادث المشاة داخل المدن.