قيود جديدة للحد من توسع قروض الإسكان – المشكنتا

يعتزم بنك إسرائيل إدخال قيود تنظيمية جديدة على سوق القروض السكنية، في خطوة تهدف إلى الحد من تفاقم المديونية لدى الأسر والحفاظ على الاستقرار المالي، في ظل التوسع الملحوظ في القروض العقارية خلال السنوات الأخيرة.
تحديد سقف الأقساط الشهرية بـ40% من الدخل
وفقًا لمسودة التعليمات التي أرسلها بنك إسرائيل إلى المصارف، لن يُسمح بعد الآن بأن يتجاوز مجموع الأقساط الشهرية للقروض العقارية (المشكنتا) والقروض الأخرى المضمونة برهن عقار (“لكل غاية”) نسبة 40% من الدخل الشهري الصافي للأسرة.
حتى اليوم، كانت البنوك تحسب قدرة المقترض على السداد لكل قرض على حدة، أما بموجب القواعد الجديدة فسيُنظر إلى جميع القروض المرتبطة بالعقار ذاته كوحدة واحدة، ويُمنع تجاوز الحد الإجمالي للأقساط الشهرية.
بمعنى آخر، فإن شخصًا دخله 20 ألف شيكل شهريًا ويدفع أقساطًا بقيمة 8 آلاف شيكل، لن يتمكن من الحصول على قرض إضافي حتى لو تقدم بطلب في بنك آخر.
تشديد القيود على القروض المضمونة برهن عقاري
التعليمات تشمل أيضًا القروض التي تُمنح لأغراض غير سكنية ولكن بضمان العقار، مثل تمويل ترميمات أو مساعدة الأبناء أو تغطية الديون. هذه القروض شهدت نموًا متسارعًا، إذ بلغت قيمتها الإجمالية 7.6 مليارات شيكل عام 2024 مقابل 4.7 مليارات شيكل في عام 2022.
ويحذر بنك إسرائيل من أن نسبة التعثر في سداد هذه القروض بلغت 1.2%، أي ضعف النسبة المسجلة في القروض السكنية التقليدية، ما يشير إلى مخاطر مالية متزايدة على المقترضين والبنوك على حد سواء.
ارتفاع حجم القروض السكنية ومخاوف من فقاعة عقارية
بلغت القروض السكنية الجديدة نحو 93 مليار شيكل عام 2024، بعد أن كانت 117 مليارًا في 2022. ويخشى البنك المركزي من أن يؤدي الاعتماد المفرط على الرهن العقاري إلى رفع مستويات المديونية العامة، خاصة إذا تراجعت أسعار الشقق مستقبلًا، الأمر الذي قد يعرض البنوك والأسر لخسائر كبيرة.
استمرار القيود على نسب التمويل (LTV)
التعليمات الجديدة لا تغيّر الحد الأقصى لنسبة التمويل مقابل قيمة العقار، والذي بقي عند 50% بعد إلغاء التسهيلات المؤقتة التي أُقرت خلال جائحة كورونا عام 2020.
لكن البنك أبقى على استثناء خاص ضمن خطة “سيوف من حديد” يسمح بتجاوز مؤقت حتى 200 ألف شيكل إضافي، بشرط ألا تتعدى نسبة التمويل الكلية 70% من قيمة العقار.
توسيع الامتيازات في برامج “شقة بسعر مخفض”
تقترح المسودة الجديدة تعديل طريقة تقييم العقار في برامج الإسكان المدعومة بحيث يُعتمد تقدير المثمّن العقاري بدلاً من السعر المدعوم من الدولة، على أن يُرفع الحد الأقصى للتقييم إلى 2.1 مليون شيكل بدلاً من 1.8 مليون.
هذا التغيير سيسمح للمشترين بالحصول على تمويل بنسبة 75% من قيمة العقار، مما يقلل من قيمة الدفعة الأولى المطلوبة.
مرونة محدودة في حالات استثنائية
تتضمن المسودة بندًا يسمح للبنوك بتمديد فترة القرض إلى ما بعد 30 عامًا في حالات خاصة، مثل إعادة الجدولة أو التسويات الحكومية، دون تغيير الحد الزمني القانوني للقروض السكنية.
ردود فعل وتحذيرات
الخطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط المالية. فقد حذر اتحاد مستشاري القروض السكنية من أن هذه القيود قد تدفع العائلات إلى الاقتراض من مؤسسات غير مصرفية أو من السوق السوداء، حيث الفوائد أعلى والمخاطر أكبر.
وأشار الاتحاد إلى أن تقييد إمكانية الحصول على قروض إضافية قد يؤدي إلى نقل النشاط الائتماني من الجهاز المصرفي المنظم إلى جهات خاصة أقل خضوعًا للرقابة.
المرحلة الحالية: مسودة قيد الدراسة
حتى الآن، لم تُعتمد التعليمات رسميًا، إذ دعا بنك إسرائيل البنوك إلى تقديم ملاحظاتها قبل صياغة النسخة النهائية. ويتوقع مراقبون أن يُخفف البنك بعض البنود قبل دخولها حيز التنفيذ، في محاولة لتحقيق توازن بين حماية النظام المالي وعدم خنق سوق القروض العقارية.
باختصار، يسعى بنك إسرائيل من خلال هذه الخطوة إلى تقليص حجم المخاطر الائتمانية المتراكمة في الجهاز المصرفي، وسط مؤشرات على ارتفاع مقلق في مديونية الأسر وتباطؤ في سوق العقارات، ما يجعل هذه التعليمات أحد أبرز التحركات التنظيمية منذ سنوات.




