يواجه جهاز الصحة في إسرائيل تحديات متفاقمة، في مقدمتها غياب التناسق بين وتيرة النمو السكاني وجهوزية المنظومة الصحية، وهو ما ينعكس بشكل واضح في ساعات انتظار المرضى داخل أقسام الطوارئ في المستشفيات بمختلف أنحاء البلاد.
ويكشف تقرير «الخطة الوطنية» الذي أعدّته وزارة الصحة صورة مقلقة للوضع القائم، لا سيما في ما يتعلق بالمرضى الذين يُقرَّر بعد فحصهم في أقسام الطوارئ نقلهم إلى أقسام المكوث للعلاج، لكنهم يضطرون للبقاء في الطوارئ بسبب الاكتظاظ ونقص الأسرة.
وبحسب التقرير، فإن مريضًا واحدًا من بين كل عشرة مرضى يبقى أكثر من 24 ساعة في قسم الطوارئ في مستشفى «الكرمل»، تليه من حيث طول فترات الانتظار مستشفيات «شعاري تسيدق»، «هداسا عين كارم» و«رمبام».
في المقابل، برز مستشفى «سوروكا» في بئر السبع كمؤسسة متميزة في هذا المعيار، إذ سُجّلت نسبة 0.29% فقط من المرضى الذين مكثوا في الطوارئ أكثر من يوم واحد.
مرحلة الفحص الأولي
يشير التقرير إلى أن مرحلة «الفحص الأولي» تُعدّ الأهم عند وصول المريض إلى قسم الطوارئ، كونها مخصّصة لاكتشاف الحالات الحرجة التي تتطلب تدخلًا فوريًا لإنقاذ الحياة. وقد حددت الحكومة هدفًا يتمثل بإجراء هذا الفحص خلال 15 دقيقة لـ85% من المرضى على الأقل، إلا أن 11 مستشفى من أصل 27 لا تفي بهذا المعيار.
ومن بين المستشفيات التي تستقبل أكثر من 90 ألف حالة سنويًا، كان مستشفى «مئير» في كفار سابا الوحيد الذي استوفى هذا الهدف عام 2023، فيما انضم إليه في عام 2024 كل من مستشفى «رمبام» في حيفا ومستشفى «إيخلوف» في تل أبيب. أما مستشفيا «شيبا» و«سوروكا» فلم يستجيبا لهذا الهدف في عامي 2023 و2024، رغم تسجيل تحسن في أداء «سوروكا» خلال عام 2024، على خلفية استقباله آلاف الحالات خلال فترة الحرب.
وسُجّلت نتائج إيجابية أيضًا في مستشفيي «فولفسون» و«هعيمق» في العفولة، بينما تبدو الصورة أكثر قتامة في مستشفيات القدس، حيث يتم إجراء الفحص الأولي خلال 15 دقيقة لحالة واحدة فقط من كل ثلاث حالات في مستشفى «هداسا عين كارم». وفي مستشفيي «شعاري تسيدق» و«برزيلاي» بلغت نسبة الالتزام بالهدف 60% و64% على التوالي، في حين لم تتجاوز النسبة 46% في المركز الطبي للشمال «بوريا».
مرحلة الانتظار بعد الفحص الأولي
يتناول التقرير أيضًا مرحلة الانتظار بعد الفحص الأولي، حيث حدّدت وزارة الصحة هدفًا يتمثل بفحص 50% من المرضى خلال ساعة واحدة. غير أن المستشفيات الكبرى تواجه صعوبة في تحقيق هذا الهدف، رغم تسجيل تحسن نسبي بين عامي 2023 و2024.
ووفق المعطيات، فإن 10 مستشفيات من أصل 27 لا تزال بعيدة عن تحقيق هذا المعيار، لا سيما مستشفيات «شعاري تسيدق»، «بيلنسون» و«هداسا». كما أظهر التقرير أن أكثر من ربع المرضى في مستشفى «شيبا» ينتظرون أكثر من ساعتين قبل فحصهم من قبل طبيب.
«مفاجأة سارة»
وسلّط التقرير الضوء على ما وصفه بـ«مفاجأة سارة»، إذ تبيّن أن 80% من المرضى في مستشفى «إيخلوف» في تل أبيب يتم فحصهم من قبل طبيب خلال ساعة واحدة فقط. وفي مستشفى «لنيادو» في نتانيا، وصلت النسبة إلى 99%، فيما سجل مستشفى الناصرة الإنجليزي نسبة 79%.
كما تميّز مستشفى «سوروكا» في بئر السبع، الذي واجه ضغطًا شديدًا خلال الحرب وتعرّض لسقوط صاروخ إيراني في محيطه، في مقياس تحرير المتعالجين إلى منازلهم، حيث يتم إنهاء إجراءات مغادرة 80% من المرضى خلال أربع ساعات.
ويُذكر أن هذا التقرير، الذي نُشر للمرة الأولى مرفقًا بعلامات تقييم للمستشفيات، يهدف إلى فحص جودة العلاج والخدمة المقدّمة للجمهور، في ظل تحديات متزايدة تشمل ارتفاع الطلب على الخدمات الطبية، ازدياد عدد المرضى المصابين بأمراض مزمنة، القيود الميزانياتية، والحاجة الملحّة إلى تحسين مستوى الخدمات وتوفّرها.
