ثمانية أشهر من الغياب: نتنياهو يعقد اجتماعًا نادرًا مع المقر الوطني لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي وسط تصاعد العنف

قد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يوم الخميس الماضي، اجتماعًا نادرًا مع “المقر الوطني لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي”، وهي الهيئة التي أُنشئت لتنسيق الجهود الحكومية ضمن الخطة الخماسية لمكافحة الجريمة. وجاء هذا اللقاء بعد أكثر من ثمانية أشهر من الانقطاع، في ظل تصاعد غير مسبوق في حوادث العنف والقتل، ما سلط الضوء مجددًا على تقصير الحكومة في التعامل مع الأزمة.
وبحسب قرار الحكومة رقم 549 الصادر عام 2021، كان يُفترض أن يُعقد هذا الاجتماع مرة واحدة على الأقل كل ثلاثة أشهر. إلا أن نتنياهو عقد خمسة اجتماعات فقط مع المقر منذ مطلع عام 2024، مقابل وتيرة شهرية تقريبًا خلال ولاية رئيس الحكومة الأسبق نفتالي بينيت، مما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام الحكومي.
عشرات القتلى في غضون أيام
تزامن الاجتماع الأخير مع موجة عنف دامية حصدت أرواح أكثر من عشرة أشخاص خلال أيام، في جرائم طالت العرب واليهود، نساءً وأطفالًا، لكن تركّزت بشكل واضح في المجتمع العربي.
ووفقًا لمعطيات رسمية، قُتل منذ بداية عام 2025 حتى الآن 126 شخصًا في جرائم عنف داخل إسرائيل، بينهم 98 من المواطنين العرب، و7 بأيدي الشرطة. وبذلك، بلغ عدد الضحايا في المجتمع العربي 105، مقارنة بـ88 في الفترة نفسها من العام الماضي، و230 قتيلًا في عام 2024. كما تشير الأرقام إلى أن عام 2023 سجّل أعلى حصيلة بقرابة 300 ضحية، مقابل 170 في 2021، و147 في 2022، ما يعكس تدهورًا مستمرًا.
النساء ضحايا أيضًا
أما جرائم قتل النساء، فقد أودت بحياة 14 امرأة منذ مطلع 2025. وهو رقم مرشّح للارتفاع مع بقاء نصف العام، في ظل مقارنات مثيرة للقلق: 20 امرأة قُتلن في 2024، و22 في 2023، و24 في 2022.
معدلات حل الجرائم: فشل مزمن
رغم الوعود، فإن معدل كشف الشرطة عن جرائم القتل في المجتمع العربي يظل متدنيًا بشكل لافت. فقد تم حل 8 جرائم فقط من أصل 98 منذ بداية 2025، أي بنسبة 8% فقط، مقابل 18.66% عام 2024، و14.88% في 2023، و18% في 2022. وفي ردّها لموقع “واللا”، قالت الشرطة إنها قدمت 17 لائحة اتهام وأحبطت 30 محاولة قتل هذا العام، معظمها في القطاع اليهودي. وامتنعت عن الكشف عن مدى التقدّم في القضايا العالقة منذ سنوات.
تقليص الميزانية وانهيار التنسيق
رغم تخصيص الحكومة عام 2021 نحو 2.4 مليار شيكل لخطة خماسية لمكافحة الجريمة، إلا أن الميزانية خُفِّضت في 2024 إلى 2.2 مليار فقط، بحجة تداعيات الحرب الأخيرة، ما مثّل تقليصًا فعليًا بنسبة 15%.
وتفيد مصادر مطّلعة أن التعاون بين المقر الوطني والمكتب المسؤول عن الأمن القومي، بقيادة الوزير إيتمار بن غفير، “شبه معدوم”. كما توقفت برامج فعالة سابقة مثل “عَلَم الأمان” و”أوقفوا النزيف”، التي كانت تستهدف الوقاية والعلاج في صفوف الشباب العربي.
انتقادات داخلية وصمت رسمي
شخصيات مطلعة على الملف أكدت أن الحكومة “تخلت عن الخطط الجادة”، مشيرة إلى إيقاف برامج أثبتت فعاليتها مثل “مسار آمن”، التي كانت تعتمد على تنسيق بين وزارات ومؤسسات متعددة.