خبر رئيسيوادي عاره

المعالجة النفسية فاطمة إغبارية : تقنيّة “تحفيز الحواس” تُعيد صوت العقل في لحظات الهلع

مع تصاعد التوتّرات الأمنية، وبين قلق اللحظة وما بعدها، يجد كثيرون أنفسهم يواجهون نوبات مفاجئة من الذعر: ضيق في التنفّس، شعور بالاختناق، دوخة وتعرّق. هذه ليست مجرّد لحظات “توتر عابر”، بل نوبات هلع حقيقية – أكثر شيوعًا مما نعتقد.

ورغم تشابهها في الأعراض مع النوبات القلبية، إلا أنّ الطب النفسي يصنّفها كموجات حادّة من الخوف، تظهر بشكل مفاجئ وتندرج تحت ما يُعرَف بـ”نوبات الهلع”. ولا تعني هذه النوبات بالضرورة وجود اضطراب نفسي دائم، غير أن تكرارها المفاجئ وغير المبرّر، خاصةً إذا تَبِعه قلق مستمرّ أو تغيّرات في السلوك، قد يشير إلى الإصابة بـ”اضطراب الهلع”.

على أي حال، فإنّ التعامل الصحيح مع النوبة في لحظتها يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا. فما الذي يحدث أثناء نوبة الهلع؟ وكيف يمكن مواجهتها فعليًا؟

تشير الأبحاث إلى أنّ النوبة تُعطّل مؤقّتًا قدرة الشخص على التفكير المنطقي، ليصبح أسيرًا لمشاعر طاغية تُضخّم الإحساس بالخطر والعجز. من هنا، تُعَدّ تقنية “تحفيز الحواس الخمس” من أنجع الأساليب في مثل هذه اللحظات – كأن يلمس الشخص شيئًا، أو يشمّ رائحة مألوفة، أو يتذوّق شيئًا بسيطًا، أو يصغي لصوت محيط به. هذه الإشارات الحسية تُساعد الدماغ على استعادة ارتباطه بالواقع، وتخفيف وطأة الشعور بخطر قد لا يكون موجودًا فعليًا. ببساطة، الهدف هو تهدئة “صوت المشاعر” الذي يضخّم الخوف، وتنشيط “صوت العقل” ليستعيد الشخص إدراكه للزمان والمكان.

هذا ما تؤكده فاطمة إغبارية، معالجة نفسية عاطفية للبالغين ومرشدة أسرية وزوجية، في حديثها لـراديو الناس. تقول:

“هذه التقنيات تُعيد تنشيط صوت العقل في اللحظة التي يعلو فيها صوت المشاعر، وتمنح الشخص فرصة لرؤية الواقع كما هو، لا كما يُمليه الذعر”.

وتضيف إغبارية أن التعامل مع المصاب لا يتطلّب عبارات جاهزة مثل “لا تخف”، بل يستوجب الاعتراف بالمشاعر ومنحها شرعية كاملة.

“أحيانًا، كلّ ما يحتاجه الشخص الخائف هو مَن يُصغي له. هذا أكثر نفعًا من أي نصيحة نظرية”.

العلاج النفسي يظلّ خيارًا فعّالًا – سواء من خلال جلسات السلوك المعرفي (CBT) أو عبر أدوية مناسبة – لكن حتى في غياب هذا العلاج، يمكن تبني خطوات يومية بسيطة تُخفّف الأعراض: تنظيم روتين الحياة، النوم الكافي، النشاط البدني المنتظم، والابتعاد عن الكافيين والمنبّهات.

ومن الجدير بالذكر أن فاطمة إغبارية كانت من بين عشرات المعالِجين والمعالِجات من المجتمع العربي الذين أطلقوا مبادرة مجتمعية لتقديم دعم نفسي مجاني خلال الحرب. وتقول إنها، في الأيام الأولى من التصعيد، شعرت بالجمود واليأس، فقررت أن تخرج من هذه الحالة بمساعدة الآخرين. سرعان ما تحوّلت المبادرة إلى شبكة تضم أكثر من 90 معالجًا ومعالجة، وقدّمت الدعم النفسي لنحو 200 شخص خلال فترة قصيرة – في دليل حيّ على أن التضامن قد يكون، بحد ذاته، شكلاً من أشكال العلاج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى